ليسَ بالخبزِ وحده يحيا الإنسان (2)
يسوع يطرد الباعة من الهيكل (دومينيكوس تيوتوكويولوس (المعروف بـ إل غريكو) 1541-1614)
قبلَ
أن يباشرَ تعليمه الخلاصي، وإثرَ الانتهاء من صومه، أكَّدَ يسوع
"للمجرّب" أنَّ الإنسانَ وإن كان يحيا بالخبزِ، إنما يحتاجُ إلى العملِ
بكلمة الله ليحيا كاملاً. وتوازنت التجاربُ الثلاث بين ما هو جسدي مادي: الخبزُ
وحكمُ الممالك، وروحي: كلامُ الله والسجودُ له وحده والنهي عن تجربته، (عصيانُ
كلام الله لاختبار مدى صبره أو استغلال رأفته لمنافع شخصية كما في العهد القديم –
حاشية الكتاب المقدس العهد الجديد صفحة 44).
فيسوع لم يميِّز بين احتياجات الحياة الدنيا
واحتياجات الحياة ما بعد الموت، بل رسمَ
أخلاقيات الحياة الدنيا بهدف الاكتناز في ملكوت الله. وهو بطبيعته
البشرية المتجسدة في إنسانه، عاش في شكلٍ طبيعي
كان يجوع ويعطش ويصوم فيأكل ويشرب ويلبّي دعوات إلى المآدب والولائم، ويخطُّ في
حياته نموذجًا للإنسان المؤمن من بعده.
من
هذا المنطلق، وضع يسوعُ سلوكياتٍ للعيش
وأخلاقياتٍ للتعاطي بين جماعة المؤمنين، أو بين الناس. فتعاليمُ
يسوع تشملُ أيضًا "الدين والدنيا"، من دون التعاطي في السياسة أو
"اشتهاء" الحكمِ السياسي. هذا شأنٌ آخر.
في إطار هذا الموضوع قاربتُ، بصفةٍ مدنية فقط، المفهوم الخاص
بالاقتصاد من خلال تعاليم يسوع،
مستعينًا بقراءات أخصّائيين ولاهوتيين ورجال دين وعلماء، وتبنّي مفاهيمهم بصورة
كاملة في بعض المواضيع، ومعارضة بعض المفاهيم والشروحات التي توقفت عند المغزى
الروحي فقط، ولمْ تتعدَّ البُعدَ الاقتصادي من جوانبه الظاهرة في شكلٍ مباشر إلى
الجوانب غير المباشرة كما في مثل الكرّام والعاملين لديه، وفي أسباب لعنِ يسوع
للتينة التي يبست. أو تجاوزًا في المقارنة بين كفتي الميزان في قول يسوع: "أعطوا لقيصر ما لقيصر، ولله ما لله".
من
كتابي – الاقتصاد في الإنجيل
ميشال
مرقص
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق