جمهورية
الصراعات والانتماء الخارجي
إقتصاد الثروة الضائعة
بقلم
ميشال مرقص
بيروت
5 حزيران - 2015
مدخل
إلى اقتصاد الثروة الضائعة
نادرًا ما يحتضنُ
وطنٌ في العالم، كما الوطن الصغير، مواطنين له يجهلون كيف يمنحونه هويّةً ثابتةً
ونهائية، ويجعلون له دورًا عالميًا، يتميّز عن سائر الدول، فيكون دورًا رائدًا ذا
طابعٍ حضاري. ونادرةٌ هي اللحظات التاريخية التي تجمع "شعوب" هذا الوطن
وتوحّد مصيرهم وانتماءاتهم وأهواءهم وتُخرجهم من الصراعات الداخلية والانتماءات
والهوسْ بحماية الدول الخارجية،- أقلّه منذ خطا فخر الدين المعني الثاني الكبير،
خطواتٍ عملاقة لإنشاءِ الدولة وتمتين سيادتها وترسيخ أساساتِ بنيانها، فانتهى
المطافُ به، منفيًا مثل غيره من الأمراء والحكام والرؤساء الأقوياء، أو مشاريع
الرؤساء أصحاب الشخصية السيادية.
ومثلُ الأعضاء
المزروعة في الجسم، لإصلاحه، ولا تتآلف معه فيلفظها، هكذا كانَ دور هؤلاء-. فشعوب
هذه الجمهورية التعيسة يريد كلٌّ منها أن يسودَ على غيره، يرفضَ كينونته في النسيج
الوطني، ألا يعترفَ بتمايزه عنه أو يتقبّلَ ثقافته وانتماءه الحضاري وأهليته.
وللأسف، لم
يعرف الوطن الصغير فترات نموٍّ وهدوء اقتصادي واجتماعي، إلا عندما كانَ في ظلّ
خيمة حكمٍ خارجي، منذ أيام المتصرفية على الجبل، إلى أيام السوريين، ( إلى حدٍّ
ما)، مرورًا بالانتداب الفرنسي. وخلال هذه الفترات دفع المواطنون ثمنًا باهظًا
لها، أموالاً ذهبت إلى خزانات الدول الحاكمة وإلى جيوب الحكام الذين مثّلوها وجيوب
حلفائهم المتملّقين في الداخل. وفي مختلف الأحوال كان الفرقاء اللبنانيون يستقوون
بهذا الفريق الخارجي أو ذاك على بعضهم، ويتطاحنون في ما بينهم ويتناطحون، وينحرون
الوطن الصغير فلا تبقى لهم دولة ولا يبقى لهم وطنٌ ولا يبقى لهم اقتصاد أو مقوّمات
للنهوض الاقتصادي والاجتماعي، ولم تنفع العباءات المتوارثة أو المستجدة، ولن تنفع،
في رصف بنيان الدولة وإعلاء مداميك سيادتها.
هذه العجالة،
هي للتبصر في ما دفعه الوطن الصغير، أقلّه في القرن الفائت، ليس فقط من أبنائه
"الشهداء" ونتذكّرهم في المناسبات، ولا من أبنائه المهاجرين نستنهضهم في
زياراتٍ خاصّةً ونستثير حماسهم وجيوبهم للمشاركة في تمويل الصناديق الخاصة. بل في
ما دفعه من أمواله العامّة، سواء للدول الحاكمة بأجهزتها المتنوعة، أو للحكام
والزعماء المحليين، على حساب رفاه المواطن الذي يفتقر عامًا عن آخر، وينزع عنه
ثيابه ويبيع رزقه ويتبسط الأرصفة والأزقة كلمّا انهار مسكنٌ أو تهاوى جدارٌ منه أو
عششت القنابل العنقودية في بساتينه وأراضيه ودروبه القروية وسقوف بيوته المنحنية
فوق التراب.
أولاً:
الثروة الضائعة بسبب الحكم الأجنبي والحروب
ما هي الثروة
التي ضيّعها اللبنانيون، في المئة عام التي انقضت؟
خزينة الدولة
انهارت أيام الانتداب الفرنسي، بداية الحرب العالمية الثانية، وانهارت القيمة
الشرائية للعملة المحلية ما يوازي 95 في المئة منها، وتحوّل الذهب إلى عملة ورقية
لم تعد ذاتَ قيمة، وقبلُ، سبقت الدولة العثمانية في نهب الذهب اللبناني لتسديد
ديونٍ ترتّبت عليها. ثم جاءت الحرب الداخلية، وقد قويتْ سواعد الاستقواء بالخارج،
ففوّت اللبنانيون عليهم ما يقارب 40 مليار دولار من القيمة المضافة لنشاطهم
الاقتصادي، تشكّل الخسائر في الناتج المحلي القائم، وهدّموا بما يوازي 24 مليار
دولار، وعمّروا بأقل منها لكنّهم رتبوا عليهم ديونًا عامّة باتتْ على عتبة 70
مليار دولار، دفعوا تكلفة لها وعليها ما يوازي ثلاثة أرباع حجمها إلى الآن.
وأضافوا عليها لا أقل من 14 مليار دولار خسائر مباشرة وغير مباشرة في حرب تموز
2006.
ولا ننسى أنّ
الحروب والصراعات الداخلية أنهكت العملة اللبنانية، "سحلتها" من قيمةٍ
توازي ثلث العملة الأميركية، (35 إلى 40 سنتًا في مقابل كل ليرة) في النصف الأول
من سبعينات القرن الماضي، إلى ما يُقارب صفرًا، وبعده فاصلة تليها ثلاثة أصفار ثم
ستة سنت، أو ما يُعادل واحدًا إلى 1500، ما انسحب على مدخرات اللبنانيين وأجور
العاملين منهم.
لقد خسرت "الشعوب" اللبنانية في
صراعاتها الداخلية أكثر بكثير مما خسرت في حروبها مع الخارج. الحرب الأخيرة كانت
اعتداءً، ( إسرائيل هي المسؤولة عن أمنها الداخلي، لو حصلت عملية الخطف مع مصر لما
شنّت عليها حربًا!!)، وهي للآن تخسر طالما أنّها لن تعرف كيف تصير شعبًا واحدًا،
ولا كيف يمكنها أن تستقطب الاستثمار والمستثمرين.
ففي خمسين
عامًا ضيّع الوطنُ الصغير ما بين 120 و130 مليار دولار ،( الخسارة البشرية أكبر من
أن تقدّر). كان يقدّم القروض إلى الدول، فصار شحادًا على الأبواب، و"الشباب"
يتناظرون بالقصف الكلامي، لا أحدَ يؤاسي جراحًا عشّشَ فيها العفن، وآمالاً لواها
اليأسُ والقنوط وأناسًا سقطوا في غربال الاتهامات!
ثانيًا:
إقتصاد الثروة الضائعة بسبب تأخر تنفيذ المشاريع
وإذا أردنا- خارج هذا الإطار - أنْ نُحصي، مزاريب ضياع
الثروة، ومجالات تفويت فرص الإنماء والنمو، فهي أوسعُ من أن تُحصى. نماذج صارخة
تكفي للدلالة على عدم "عناية المسؤولين، حكّامًا وزعماء" بالإقتصاد
المريض"، وحفزه ليستعيد عافيةً ويتماثلُ للنهوض من قعرٍ الجمود والشلل. لا
شكّ في أنّ هذه النماذج العينية تتمثل في البنية التحتية ومشاريعها، وسلحفاتية إنجاز
الخطط والتصاميم والمشاريع,,, وتتمثّل:
أولاً: على صعيد البنية التحتية في الآتي:
1 – الطاقة الكهربائية
أ – لم تلتزم خطة الإنماء والإعمار بإتمام ما رسمت له من
إستكمال إعادة التأهيل وإنشاء معامل لإنتاج الطاقة الكهربائية ... وفضّل السياسيون
دعم مؤسسة كهرباء لبنان بالمال بدل إنفاقه على تحديث المعامل والمحطات والشبكات
... ما أتاح التوسّع في إنشاء المولّدات الكهربائية الخاصّة للمؤسسات وفي الأحياء
– وأدّى إلى استهلاك تجهيزات المؤسسة بشكلِ تصاعدي مبرمج ...
ب – لم تلتزم الحكومات بالإنفاق على البرامج المقرّرة من
قبلها، من أجل تأمين التيّار الكهربائي. ما أدّى ويؤدي إلى ضياعٍ في ربحٍ فائت أو
فائدة مرجوّة فائتة، وخسارة مما يُنفق لاحقًا بسبب ارتفاع أسعار التجهيزات.
ج – فضّلتْ الحكومة والمؤسسة، الإكتفاء بما هو متوفرٌ من
طاقة إنتاجية، من أجل خفض الخسارة – لأن إنتاج الكيلوات تدعم تكلفته الخزينة –
وعدمُ إنتاجه يوفّرُ هذا الدعم...
د – استطاعت وزارة الطاقة أن تحدّد بدلاً شهريًّا
متحركًا للمولدات الخاصّة – تم الإلتزامُ به إلى حدٍّ كبير – ولم تستطع أن تضعَ سعرًا
للكيلوات المنتج في معامل مؤسسة كهرباء لبنان، يوازي التكلفة والاستهلاك الصناعي،
ولا أن تجبي كاملَ ما تستحق من المستهلكين.
هـ - تكلّف الإقتصاد الوطني فواتير مضاعفة ثمنًا للطاقة،
لتأمين بدل الإنقطاع في التيّار لدى مؤسسة كهرباء لبنان، بتملك معظم المؤسسات
العاملة – في القطاعات المختلفة – مولداتٍ خاصّة لتأمين احتياجاتها... وهذا يُضافُ
إلى ثمن تكلفة إنتاج السلع والخدمات.
و – فوّتت الحكومة تجهيز معامل الإنتاج بشبكات الإمداد
بالغاز السائل، سواء المستورد بحرًا، أو المستورد بواسطة شبكة الربط العربي من
مصر... (هذه أطاحت بها حروب الربيع العربي)...
ز – فوّتت استغلال الطاقة الشمسية وما يُمكن أن يكون
مجديًا اقتصاديا من استغلال الطاقة الهوائية.
فإذا كانت الخزينة دعمت مؤسسة كهرباء لبنان – في الربع
القرن الأخير – بما يقدر بـ 11 – 12 مليار دولار – وهي لم تؤمن – في الفترة ذاتها
أكثر من نصف الإنتاج كمعدلٍ سنوي – فإن القطاع الخاص في المقابل – يكون قد دفع في
حدّه الأدنى ما يوازي الدعم المخصّص للمؤسسة لتأمين حاجته (بعد احتساب ما كان
سيدفعه إلى المؤسسة لو أمنت له كامل احتياجاته) ... ) ويُقدّر أن عجز الكهرباء المتراكم كلف الخزينة عجوزات متراكمة نحو 27.5 مليار
دولار، ما يشكل نحو 42 في المئة من قيمة الدين العام البالغ نحو 66.5 مليار دولار( (السفير في 12/1/2015)
وهكذا يكون الضائع في الإنتاج نحو 50 مليار دولار بمعدل
ملياري دولار عن كلِّ سنة – منذ بداية الإنماء والإعمار قبل 25 سنة، عدا أثمان
المولدات... (50 مليار دولار كافية لتجهيز معامل بقدرة 7000 ميغاوات – 4 أضعاف
القدرة الحالية – وكافية لتغذية لبنان وسوريا والأردن)
ح – ارتأت الحكومة
أن تهمل المؤسسة وقطاع الكهرباء لأسباب، منها تحصيل ضرائب القيمة المضافة على
المحروقات والمولدات المستوردة، ما يُغذي مالية الخزينة... ثمّ حديثٌ عن مصالح في
ما بين أصحاب المولدات الخاصّة وسياسيين أو مسؤولين، بحيثُ يتقاسمون الأرباح ...
ط – الإيجابية أنّ المولدات أمّنت التيّار حيثُ تقاعست
الحكومة... ثمّ أنّها شكّلت جزءًا كبيرًا من النشاط الصناعي – ولو كان أصحابُ
المولدات لا ينتسبون إلى جمعية الصناعيين ... وهم حققوا قيمة مضافة عالية في
الناتج المحلّي الوطني. وشغّلوا قطاعات الصيانة والتجهيزات المتممة للمولّدات،
فضلاً عن الكابلات النحاسيّة والقواطع وغيرها من مستلزمات.
2 - قطاع المياه
لم يعرف قطاع المياه أن يستقرَّ. فرغمَ أنّ ما من لبناني
يشكو من عطشٍ ولو في فترةٍ الشحائح القاسية – إلاّ أن المياه لا تتوفّر في كثيرٍ
من الأحيان في شبكات مصالح المياه لتتأمن إلى المساكن... المياه ليست في الحنفيات
ولكنها في الصهاريج... وخلال أزمة عام 2014 أثرى أصحاب الصهاريج والآبار الخاصة
على حساب العطشِ والجفاف...
الخطأ تتحمله وزارة البيئة في الدرجة الأولى – ثمّ
الوزارة المعنية ثانيًا... والإثنتان تحت فضاء الحكومة
فالرؤيا تفترض أن نبحثَ عن أسباب الشح، وعن التغيير
البيئي في لبنان. لأن العمران العشوائي يقضي على الأخضر والشجر الذي يحبس مياه
الأمطار فتختزنها التربة لفترةٍ طويلة.
المهندس لوسيان مبيّض – المدير العام لوزارة الموارد
المائية والكهربائية عام 1986 – اقترح تشجير جبل صنين من أجل تأمين المياه للعاصمة
بيروت في فصل الشحائح ... الغابات – يقول - تُطيل عُمر الثلوج المتراكمة – يلزمها
خمسة شهور لتذوبَ مياهًا وتخترق المجاري الجوفية – خمسة شهور بعد انقضاء الشتاء
يكون بدءُ تشرين الأول بداية فصل الشحائح وازدياد الطلب على المياه في بيروت
الكبرى – وتكون مغارة جعيتا بدأت تتلقى المجاري المغذيّة... جبل صنين صار أقرع
أجرد – البساتين وغابات الصنوبر في الساحل وحتى ارتفاع 700 متر تضمحل ... تُقطع
شجرة ليصير مكانها موقف لسيارة ... ويطلب اللبنانيون المياه !!!
حتى مياه السدود تتبخر بسرعة إذا لم تتوفر أشجار تحيط
بها...
مشاريع السدود تأخرت عشرات السنين. خطط عبود عبد العال والشيخ
موريس الجميل وضعت على الرف. الشيخ قال يومًا " بين اليمّونة وجبل الشيخ
بحيرةٌ هائلة تستورد مياهها من روسيا" كنتُ أصغي إليه يُحاضر... بعد ذلك،
علمتُ لماذا تطمع إسرائيل باحتلال جبل الشيخ!
الحديث عن إنشاء سدود وما تُلحقه تلك السدود من أضرار،
يجب أن يُنزّه عن السياسة. ما من سدٍّ لا يُحدثُ تغييرًا في البيئة وفي الجغرافيا
وفي الديموغرافيا – سد المضائق الثلاث في الصين هجّر ملايين وأغرق قرى وبلدات –
ومثله سد ديار بكر في تركيا ... والأخير تحكّم بكميات المياه في الفرات ودجلة عبر
سوريا والعراق...
3 - سوء إدارة المياه
يكمن سوء إدارة
قطاع المياه في لبنان، بالفساد الإداري المتمثل على صعيد إنشاء تجهيزات أو تمديد
قساطل غير متكاملة وغير مطابقة لمواصفات دفاتر الشروط ... في الإجمال يُنفّذُ
مشروعٌ ما، ولا يعمل أو يعمل جزئيًا ويتوقف أو يعمل بنسب متدنية من القدرة المعوّل
عليها... تُمدّد قساطل شبكة مياه بلا وصلاتٍ مناسبة تهترئ في مدد قصيرة ... أو
تُترك أطراف الشبكة مفتوحة تهدرُ المياه...
التأخير في
إصلاح الأعطال – بحيث تتسرب المياه إهدارًا بدل ضبطها لأيام الشحائح ...
الفلتان في
توزيع المياه في مناطق الإصطياف وعلى الساحل حيث تحوّل كمياتٌ كبيرة إلى
استعمالاتِ خاصّة أو تجارية، مثل برك السباحة والفنادق والمطاعم...لقاء مبالع تذهب
إلى الجيوب ...
في تقرير للأمم
المتحدة أنَّ ما بين 40 و50 في المئة من المياه في لبنان غير محسوبة
ومسربة...
ويُقدر ما
يستهلكه المشترك لدى مصالح المياه في لبنان، بـ 300 دولار سنويًا، منها 150
دولارًا إضافيًا عن معدل بدلات الإشتراك... فيكون الإنفاق القسري السنوي نحو 400 مليون
دولار، ومثله للمؤسسات بمختلف أنواعها،ما يوازي 800 مليون دولار تجمع في ربع قرنٍ
20 مليار دولار.
عدا عن الإهدار
في مشاريع المياه...
مثــــــــــــال
و"لمواجهة أزمة المياه، ببعديها الكمي والنوعي، بذلت الدولة خلال عقد التسعينات وبداية العقد الحالي جهودا كبيرة، أملت في أن تسهم في حل الازمة.ويذكر في هذا المجال الانجاازت التالية:
• تلزيم وتنفيذ مجموعة كبيرة من مشاريع مياه الشرب وحماية مصادر المياه ومنع التعديات عنها في المناطق اللبنانية كافة، بلغ عددها 129 مشروعًا بكلفة 2409 مليون دولار خلال الفترة ما بين 1992 – 2000.
• إعادة تأهيل العديد من الشبكات المائية المهترئة ومد شبكات جديدة.
• إعادة هيكلة وتوحيد الإدارة المائية تحت مظلة وزارة الطاقة والمياه.
•
اعداد خطة عشرية للمياه (2001 -
2011)
• إحياء مشروع الليطاني في الأماكن الواقعة على ارتفاع 800 م فوق سطح البحر.
• انشاء الوحدة الوطنية للبحوث المائية (1992)
بمشاركة المجلس الوطني للبحوث العلمية ووزارة الطاقة والمياه ووزارة الصحة العامة ومنظمة اليونيسف والجامعة الاميركية.
• تلزيم وتنفيذ مجموعة كبيرة من مشاريع الصرف الصحي والنفايات الصلبة (180مشروعا) بين 1992 و2000 بنحو 900 مليون دولار.
• تنفيذ دراسات وأبحاث حول نوعية مياه الشفة في مناطق مختلفة من لبنان.
• دراسة الجدوى الاقتصادية والفنية والبيئية لمشاريع جر المياه من مناطق مختلفة الى العاصمة بيروت.
• انشاء اللجنة الوطنية للهيدرولوجيا(1996) بهدف الاستفادة والمشاركة الفعالة والاسهام في
البرامج الدولية المتعلقة بالمياه وخصوصا البرنامج العالمي للهيدرولوجيا التابع لمنظمة اليونيسكو.
غير أن الجهود الحثيثة التي بذلت في قطاع المياه لم تؤد الى تحسين الوضع المائي العام والى توفير المياه لجميع اللبنانيين بالكميات الكافية وبالنوعية الجيدة والسليمة(...). ويرجع السبب في تعاظم مشاكل المياه في لبنان خلال الفترة الماضية ،الى عدم توفر السياسة المائية الشاملة والنافذة والمدعومة بالتشريعات الحديثة، والموارد المالية الكافية والقوى البشرية المؤهلة.
(مجلس النواب - لجنة الاشغال العامة والنقل والطاقة والمياه
– نيسان 2002)،
· ولم يذكر التقرير كيف
نّفّذت المشاريع ولم تؤمن المياه، لأن تنفيذها لم يكن كاملاً والتجهيزات غير
مطابقة للفعالية التقنية والإنتاجية.
4
- التأخير في إنشاء محطات تكرير المياه المبتذلة
في حزيران
2004، أي قبل أحد عشر عامًا – نشرت مجلّة "بيئة وتنمية" – في عددها
الـ75 تحقيقًا بعنوان "الصرف الصحي في لبنان: المياه المبتذلة دفقٌ دائم
في البر والنهر والبحر" ومما فيه برنامجٌ لمجلس الإنماء والإعمار عن
إنشاء 12 محطة على الساحل لتكرير المياه المنزلية المبتذلة، و8 محطات في الداخل لا
سيّما البقاع...على أن يتم تنفيذها تباعًا بين 2008 و2012 – وهي تعالج المياه
العادمة لـ80 في المئة من السكان... وللآن لم يعمل أيٌّ من محطات التكرير التي
أنشئت...
يقول وزير البيئة محمد المشنوق لدى اطلاعه على
أوضاع محطة التكرير في طرابلس، (صيف 2014) وهي نفّذت عام 2010 "إن التحديات التي تواجهها محطة التكرير في طرابلس
تواجهها معظم المحطات الأخرى أو بالاحرى كلها"، وأضاف: "سبق لوزارة
البيئة في تقريرها الذي أصدرته عام 2011 تحت عنوان "البيئة في لبنان: الواقع
والاتجاهات" أن عرضت ورقة عمل بشأن إدارة الصرف الصحي شددت على أهمية وضع
مخطط توجيهي عام لمياه الصرف الصحي، ولفتت الى أن التشغيل والصيانة لهذه المنشآت
سيعتمدان على العديد من العوامل من بينها استكمال تنفيذ خطوط الجمع والجر
لتأمين الكميات المطلوبة من مياه الصرف الصحي لتشغيل المحطات مع منع تسرب المياه
العادمة الصناعية الى مجارير الصرف الصحي، لأن مقومات المياه العادمة الصناعية
تختلف بشكل كبير عن مقومات مياه الصرف الصحي الأسرية ويمكنها بسهولة أن تثقل
الحمولة وأن تعرقل عملية المعالجة".
ولفت وزير البيئة الى "أن قسما من محطة التكرير في
طرابلس بدأ علاجا أوليا فقط لأن المجارير ليست موصولة كلها الى المحطة، فيما
التشغيل الكامل يستدعي أولا تأمين كمية لازمة من الصرف الصحي أي استكمال الوصلات،
حيث تم توقيع العقود اللازمة إنما يحتاج المتعهد الى استقرار الوضع الأمني للقيام
بالاشغال الضرورية، ويستدعي ثانيا تأمين الخبرة اللازمة للتشغيل، وسيتم ذلك من
خلال عقد مع مشغل من القطاع الخاص Operator الذي سيشغلها
لفترة سنتين، ثم ينتقل التشغيل إلى مؤسسة مياه الشمال - التي يفترض أن تكون أصبحت
جاهزة في حينه، ويستدعي التشغيل ثالثا استمرار تأمين الكلفة اللازمة للتشغيل
وضمانة عدم وصول صرف صحي صناعي إلى المحطة كونها مجهزة للصرف الصحي المنزلي فقط
وهذا شأن كل المحطات المماثلة، علما أن لا أحد يمكنه أن يضمن ذلك حاليا، كون المسح
الشامل والدقيق للمؤسسات الصناعية وتحديدا طريقة التصريف الصحي غير متوفرة،
وبالتالي سيتم "اكتشاف" الوضع تدريجيا من خلال مراقبة دورية للصرف الصحي
الواصل إلى المحطة".
ويقدر أن 300 مليون ليتر من مياه المجارير الخام
تصب في البحر يومياً. وقد تفاقم الوضع خلال السنوات العشرين الأخيرة، حيث تم إنشاء
شبكات لجمع مياه الصرف في مناطق لبنانية عدة، لكن لم يتم وصلها الى محطات
للمعالجة، بينما بنيت محطات معالجة لم تصلها الشبكات. هكذا ينتهي الأمر بالمياه
العادمة الى الأودية ومجاري الأنهار، التي أصبحت مجارير مكشوفة تصب في البحر.
"فعلى
امتداد الشاطئ اللبناني، ثمة محطتان لمعالجة مياه الصرف تعملان جزئياً، وتقعان في
منطقة الغدير جنوب بيروت وصيدا. في المقابل هناك خمس محطات معالجة مكتملة في
طرابلس وشكا والبترون وجبيل والجية، لكنها لا تعمل بسبب عدم وصول شبكات الصرف
اليها. أما محطة المعالجة على شاطئ صور فهي شبه منجزة، لكنها لا تعمل لعدم وجود
مصب بحري. ولم يبدأ بناء محطة الصرفند لعدم وجود تمويل. أما في كسروان، فهناك خطط
لمحطتين في أدما والزوق، لكن تصميمهما لم يبدأ بعد على رغم توافر التمويل لهما.
وتبقى المشكلة الرئيسية في محطة برج حمود على شاطئ بيروت، التي لم يبدأ انشاؤها
رغم توافر الدراسات والتمويل منذ أكثر من 15 سنة، وذلك لوجود خلاف حول الموقع مع
بلديتي برج حمود وبيروت. أما في المناطق الداخلية، فتعمل محطتان في بعلبك
واليمونة، في حين أن محطتين مكتملتين في صغبين وجب جنين تعملان بنحو 10 في المئة
من طاقتهما فقط لعدم وجود الشبكات". (البيئة والتنمية).
وعلى صعيد
البنية التحتية لا ننسى مسألة النفايات الصلبة، والمطامر الضارّة بالبيئة بشرًا
وطبيعةً، وعدم إنشاء معامل كافية لمعالجتها، وكيفية الإستفادة منها...
ولا ننسى
الإهدار المالي على صعيد شبكة المواصلات البرية، ولا الإعتداءات على
شبكة السكك الحديد والتضحية بالنقل العام بعدما رُصدت له شبكة متكاملة عام 1996 مع
حاكمية الميدي بيرينيه – في مدينة تولوز الفرنسية...
ثانيًا:
في تأخير الإستثمار واستغلال الثروة النفطية والغاز
وبنتيجة الكباش السياسي، واعتلال المؤسسات السيادية،
وتهاوي الثقة بواقع المناخ المنيع القادر على صون الاقتصاد وهيكليات البنيان، برزت
مؤشرات سلبية على صعيد تكامل البنية التحتيّة، من جهة وتنفيذ المشاريع العامة من
جهةٍ ثانية وعلى صعيد النشاط الاقتصادي للقطاع الخاص من جهةٍ أخرى.
أبرز المكتسبات الضائعة ما يتمثّلُ في عدم استكمال
استغلال مناجم النفط والغاز المقدّرة في المياه الإقليمية اللبنانية والسطح
الإقتصادي للبحر في ما بين لبنان وفلسطين المحتلّة وقبرص. وهي مناجم واعدة على
صعيدي تقديرات المتوفّر الممكن في ما بين 30 و40 مليار برميل نفط و122 تريليون قدم
مكعب من الغاز الطبيعي المسال. ويُقدّر العائد المالي من النفط فقط بما بين 100
و150 مليار دولار بحسب الأسعار المتدنية للنفط لعام 2014 ... أما العائد من الغاز
فيتجاوز 366 مليار دولار على أساس سعر القدم المكعب هو 0،003 سنتات وإذا اعتبرنا
أن نصيب الدولة هو النصف ... فهذا يعني تأمين مستقبل إقتصادي مشرق للبلد والأجيال
الطالعة. ولو أنجزت العقود في مواعيدها على
رغم الغموض السياسي، لَأَمل لبنان في أن تبدأ عمليات استخراج الغاز ربما في عام
2016 أو 2017.
ثالثًا: الثروة الضائعة بسبب الدين العام
ربما أملت
الحكومة – مطلع تسعينات القرن العشرين – في أن تستلحق النهوض الاقتصادي في بعض
الدول العربية، وتستقطبَ أسواق المال، التي ازدهرت في دول الخليج وإماراته، بعدما
تهاوى الاقتصاد اللبناني في مهبّ الحروب الداخلية والصراعات. إلا انّ خطة النهوض
بالإقتصاد الوطني، واتباع سياسة الإقتصاد التعويضي، وضعت على مقاسات شخصية، وأطماع
ماليّة، وسياسيات إهدار للمال العام تحتَ عنوان الإعمار والإنماء...
مقارنة حسابية بسيطة:
·
يبلغ الدين العام حتى مطلع 2015 نحو 66,5 مليار دولار
·
بلغ حجم خدمة الدين العام بحسب الموازنات من 1997 – 2013 ما يزيد على 78 ألف مليار ليرة (مجموع بنود
خدمة الدين في الموازنة) أي نحو 52 مليار دولار.
·
في عام 1997 كان حجم الدين العام يوازي 22100 مليار ليرة لبنانية أي 14,7
مليار دولار
·
فهل يكون الدين نما فقط بمجموع الفوائد المدفوعة عليه؟؟؟
·
بين 1997 ونهاية 2014 نما الدين العام بمعدل 9,9 في المئة سنويًا.
·
بين 1997 ونهاية 2014 نما الناتج المحلّي بمعدل 7,3 في المئة سنويًا
فكيف يُمكن
تحقيق نموٍ يفوق بمعدله ضعف معدل نمو الدين العام؟؟؟؟ حتى يتمكن الوطن الصغير من
إطفاء الدين العام؟؟؟
رابعًا: إقتصاد الثروة الضائعة في مجالات
عديدة أخرى
على سبيل التعداد لا الحصر، يتمثل فقدان الثروة وضياعها
في المجالات الآتية:
أ – الرشوة السياسية
وهي على صعيد سياسيين يرشون آخرين ( شهادات المحكمة
الدولية) أو سياسيين يدفعون ثمنًا لمناصبهم... أو سياسيين يستعينون بالمال العام
(وليد جنبلاط = كنت مزنوقًا...)
ب – الرشوة الإدارية
ج – الرشوة القضائية
د - الرشوة
التعليمية لإنشاء جامعات و/أو الحصول على شهادات جامعية مزيّفة.
هـ - الرشوة في التزام المشاريع
د – الرشوة لدى تسلّم المشاريع ( التجهيزات غير مكتملة ـو متكاملة أو هي ناقصة أو هي
لا تتوافق مع المواصفات المنصوص عليها في دفاتر الشروط...)
ز – الرشوة للتهرب من الضرائب والرسوم ( التهرب من الضريبة الجمركية والرسوم على المستوردات –
التهرب من الضرائب المتوجبة على المؤسسات عن طريق إشراك موظفين معنيين بتقدير حجم
الضريبة بمخصصات مالية ... او موظفي الصندوق الوطني للضمان الإجتماعي ... )
ح – الرشوة لارتكاب مخالفات أو تثبيتها
ط – الرشوة لحماية التهريب والمهربين
ي – الرشوة لحماية المرتكبين
ك - الرشوة
لاستغلال الأملاك العامّة ببدلات بخسة وبخاصّةٍ الأملاك العامة البحرية
والنهرية...
ل – عدم
التصريح عن كامل أجور الموظفين والعاملين في القطاع الخاص، لدى دوائر وزارة
المال ولدى الصندوق الوطني للضمان الإجتماعي. ما يُفقد الخزينة والضمان أموالاً
ويُخسر الأجراء والموظفين نصف الأموال المستحقة لهم من تعويضات نهاية الخدمة...
م – دعم تصدير الإنتاج الزراعي والكوارث الطبيعية
– وعدم دعمه للاستهلاك المحلّي... مع الإشارة إلى سوء توزيع هذا الدعم...
فلا ضرورة لدعم زراعة الشمندر السكري، في ظل أسعار
عالمية متدنية للسكر...
ن – عدم صون
الإنتاج الزراعي بما يجب – سواء بالتقديمات (مشاريع ري ...) أو بالتسويق
(إنعاش العمل التعاوني السليم...)
فالتعاونيات القائمة على أنواعها هي لتقاسم مساعدات
الحكومة المالية، ولم تكن لها فعالية صحيحة لصون الإنتاج والتسويق...
خامسًا: العبرة والإعتبار
1 - إنَّ القذفَ بالوطن الصغير إلى جاذبية اللاستقرار،
وإلى الدوران في فلكٍ عديم التوازن، يُشتت معايير الاستثمار ويقضي على إمكان تعويم
معدلات النمو. ويزيد من سوء الطالع، ما يؤدّي بمعدلات النمو إلى العُقم، فتتراجع
المداخيل...
لا شكّ، في
أن الأوطان يتعرّضُ مصيرها لاهتزازات سياسية وأمنية واقتصادية، تؤثر على دورة
الحياة فيها. لكن نادرًا ما يخرجُ زعماءُ تلك الأوطان على معايير التخاطب السياسي
إلى حدِّ التحاقد المتابدل، غير آبهين بنتائج خطابهم على الاقتصاد وعلى الحياة
الاجتماعية محليًا، وعلى قيمة الثقل السياسي للوطن في الخارج. وقد يبدو، ملحًّا،
في هذه المرحلة الدقيقة من مسيرة الوطن الصغير، وضعُ مواصفات قياسية ومعايير جودة
إلزامية للخطاب السياسي، قبل إلزام البضائع الوطنية والمستوردة بها. فالتسويق
السياسي هو البوّابة الكبرى لتحقيق العيش الراقي مع الخارج وترسيخ أسس التبادل
الثقافي والعلمي والأخلاقي مع دول العالم، فضلاً عن التبادل التجاري.
إنّ تجانس الواقع السياسي في محافظتي النبطيه والجنوب،
جعلهما الأكثر تلقيًا للمساعدات، وتنفيذًا للمشاريع، وتحقيقًا لمعدلاتِ إنماءٍ
وازنة.
2 - لقد أثارت
بداية مرحلة الإعمار الجديدة، شكوكًا متزايدة حول شفافية الحكومة والإدارات
المعنية في صدقية التوزيع وعدالته. الشكوك ليست يقينًا، لكنّ التجارب السابقة تفسح
في المجال لاستنبات مثل هذه الشبهات،
فالأموال التي أنفقت في مرحلة إعادة الإعمار الأولى، لم تضخ كلّها في الأقنية
الصحيحة، وأن حصّةً كبيرةً منها أهدرت وأخرى بلغت جيوب المسؤولين. المشاريع لم
تنجز بمستوى مواصفات دفاتر الشروط، ونظرًا لصيت الفساد الذائع عن الإدارة
اللبنانية، اشترطت الدول العربية المقرضة، أن تشرف هي على إنجاز المشاريع وتمويلها
مباشرةً، فتتسلّم الحكومة المشروع كاملاً وتسدّد قيمته بحسب الاتفاق المبرم. لذا
صدرت عن مجلس النواب قوانين تشرّع هذا النوع من الاقتراض، عرفت بقوانين
"الاستصناع". كذلك أتلفت في مخازن المساعدات، خلال الأزمات السابقة،
كمياتٌ كبيرة من المواد الغذائية والأدوية لم تصل إلى مستحقيها، وأحاطت الاتهامات،
الصناديق التي أنشئت لتأمين حاجات الناس السكنية، وحاجات المناطق، كما ارتفعت
وتيرة الفساد والإفساد على شبكات التوتر العالي لمؤسسات كهرباء لبنان، فما عرفت،
رغم مليارات الدولارات، أن تقضي على العتمة التي تظلّل القلوب والضمائر.
لقد سبق أن أشار تقريرٌ للبنك الدولي (
الفصل الثاني 2005 )، إلى أن " الإنفاق على الاستثمارات العامة لا يتناسب مع
النتائج. فرغم المبالغ الضخمة المدفوعة منذ 1992، فالاستثمارات العامة لا تنتج
المنافع المرتقبة منها، كما يتبين من تدني جودة نظام النقل، والتكاليف المرتفعة
للكهرباء والمواصلات، وتدهور البيئة السريع. وهذا التقييم المؤسف لا يبرر ضغطاً
إضافياً للنفقات الإنتاجية، لأن لبنان قد اقترب من نقطة أصبحت فيها نفقاته
الاستثمارية تكاد لا تكفي لمنع تدهور الكتلة الحالية للبنية التحتية". ورأى
وجوب " إيلاء الأولوية لصيانة المنشآت القائمة في إطار مخصصات إجمالية تتفق
مع أهداف ضبط المالية العامة".
3 - حكاياتُ الفساد في الوطن الصغير، التي غذّاها
الوجود السوري، صارت مشربًا واحترافًا. لم تخلُ إدارةٌ منها، وأمام طغيانها تعطّلت
المؤسسات الرقابية، وصارت صورية، فلا قدر مجلس الخدمة المدنية أن يحافظ على فعاليته
التي عرفها في عقده الأول، معزّزًا الدور الوظيفي الإداري، ولا استطاع ديوان
المحاسبة وقف الإهدار المالي وإحكام ضوابط الالتزامات، فصارت بالتراضي، وعجزت
تقارير التفتيش المركزي عن أن تصيب الهدف، فأهملت، لأن المتربعين على كراسي الحكم،
اختصروا المؤسسات بأشخاصهم، وعاون بعضهم بعضًا على ترسيخ هذا التواطوء وإحكامه، ضد
الدولة.
4 - إن المناخ القطبي القارس في القدح والذم، ليس
ملائمًا، على الإطلاق، لتهيئة فرص النهوض الاقتصادي من قعر الهاوية. فالخسارة
الاقتصادية جرّاء الاعتداءات العسكرية الهمجية على لبنان ونتيجةً لما سبقها من
صراعات عسكرية داخلية، لا تضاهي ما يخسره لبنان وما يمكن أن يخسره نتيجة البوليميا
التخوينية في الخطاب السياسي. فالسبيلُ إلى التعويض والمساعدة، يكمن في التلاقي
والتقارب، بين الأفرقاء جميعًا، حول الإيجابيات المتوافرة لدى كلٍّ منهم. ذلك من شأنه أن يخفّف حجم الأضرار ويعوّض
الخسارة سريعًا، لا سيّما على صعيد القطاعات الاقتصادية الإنتاجية والخدمية على
السواء بما فيها السياحة.
5 - في تقرير وحدة الإيكونوميست المتخصصة،
(النهار – الخميس 19 نيسان 2007) تقديرٌ لتوقع النمو الحقيقي في 2007 بمعدل 2 في
المئة قبل أن يرتفع إلى 2,7 في المئة في 2008. ذلك في مقابل نموٍ سلبي في 2006
بمعدل 6,4 في المئة ما يعني أن مجموع الناتج المحلّي في 2007 و 2008 يبقى عاجزًا
عن ردم هوّة التراجع في 2006 بنحو 1,7 نقطة، هذا إذا تحققت تقديرات الوحدة
المتخصصة. وقياسًا فإنَّ تقديرات نموّ
الناتج المحلّي حتى العام 2010 هي بالمقارنة مع سلبيات النمو في 2006 وما تبعها،
تمامًا كما المقارنة الساذجة بين ما كان عليه النمو في آخر سنة من الحرب وأول سنة
من السلم الأهلي مطلع تسعينات القرن الماضي... وها إن تأثيرات الحال المضطربة في
سوريّا تدفع بالنمو نزولاً إلى ما يؤمل واحد في المئة في 2015.
ولا
يمكنُ تجاوز النمو السلبي إلا بأن يتجاوز المواطنون، وفي مقدّمهم أربابُ العمل
ورجال الأعمال، حال الواقع السياسي الراهن، ويغامرُ جميعهم بالتوظيف المالي والاستثمار
بعيدًا عن الشائكة السياسية.
اللافت أيضًا، أن التوقعات ترتكز على فرضية
نمو الطلب ولو نتيجةً لإعادة الإعمار، وعلى فرضية التزام الدول المانحة بتحويل
الأموال. وإذا بقي النمو سلبيًا تزدادُ نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي. فنسبة
الدين العام إلى الناتج المحلي تتراجع في أحد أمرين، تراجع حجم الدين العام مع نمو
الناتج المحلي، أو تحقيق نموٍ للناتج المحلي أكبر من نمو الدين العام، أو في
الحالين معًا.
6 - يطمح الوطن الصغير، أن تقطنه "شعوبٌ" يتحدّث زعماؤها عن النمو
الاقتصادي، عن الرفاهية التي يمكن أن يحققوها لأبنائه المعترين، خارج صناديق
المساعدات المذلّة، وخارج الأموال التي يشحدها من دولٍ هي مانحة وواهبة، ولا نعرف
ما تخبئ مستقبلاً من مفاجآت. يريد أن يعرف هذا الوطن كيف لهؤلاء الزعماء جميعًا أن
يسترجعوه من جاذبية هذا الثقب الاقتصادي الأسود، وكيف لهم، بالمفرق والجملة، أن
يوفّروا مناخ الثقة بالمستقبل، فيأمن الاقتصاد شرّ خلافاتهم وصراعاتهم حول
"جنس" الوطن وهويته ومسارّه ومصيره.
لغاية الآن،
تترجم ثروةُ الوطن الصغير، بغنى الصراعات الداخلية وثراء "شعوبه"
لانتماءاتهم إلى القوى الخارجية. لكنّه يفتقرُ إلى الرجالات القادرين على تأسيس
دولة قويّةٍ منيعة سيّدة على مصيرها وعلى مصير أبنائها. فالحديث عن الديموقراطية،
مهما تعدّدت توصيفاتها الداخلية: أكثرية عددية، أكثرية وهمية، ديموقراطية وهمية
وديموقراطية توافقية، لا تحقق نموًا بمعدل واحد في المئة سنويًا، ما لم تكن
ديموقراطية تمحو الجهل، وتزيلُ الفقر، وتشبع الجائع وتؤوي من لا مسكن له وتوفّر
وظيفة عملٍ لمن حصل على سمة هجرة للرحيل. وتمهّد لقيام المقاومة الحقيقية، بعد
الانتهاء من المقاومات التي صبغت جغرافية الوطن بالدماء النقية وغذّت ترابها
بأجساد الشهداء، هي المقاومة ضد الجهل والفقر والتخلف والهجرة. إنّها ديموقراطية
المقاومة ضد الأسباب التي تجعل هذا الوطن مرتهنًا إلى الغير، وشعوبه تتصارع في ما
بينها وترتمي في أحضان الجيران والأقارب والمتوددين. ديموقراطية لمقاومة التنافر
بين الأقطاب والشعوب والقبائل، ديموقراطية لاكتساب المعرفة والأخذ بها لتصير سلعةً
للتصدير والثراء، ديموقراطية للالتحاق بعالمٍ يتسابق نحو العناية بالإنسان وتأمين
السلامة البدنية والعقلية له، وتأمين الرخاء للشيخوخة والمسنين، بعد أن بلغ الأمل
بالحياة مستوىً متقدمًا من السنين نتيجة للعناية الصحية والهدوء بعد انتهاء الحروب
والصراعات في الدول المتقدّمة.
7 - إن تعرّض
بعض الدول، ولو لمرّةٍ واحدة، لحوادث دامية اتخذت صفة "الإرهاب"، تعتبر
جنونًا، وتميلُ المؤشرات الاقتصادية فيها إلى السلبية والتراجع، فكيف بوطنٍ ساده
الجنون منذ نصف قرنٍ تقريبًا؟ ألا يحتاجُ إلى رجالٍ يتنازلون عن غلوائهم
وانتماءاتهم الخارجية إلى سيادة الدولة وانتماءاتها؟
8 - اندرج صيتُ الفساد، في الوطن
الصغير، ضمن التقارير العالمية، ومنها تقارير مدركات الفساد السنوي، التي لحظت
تفاقمًا في الأوضاع الإدارية اللبنانية. كذلك لفتت التقارير الدورية ذات الوجهة
الاقتصادية إلى حجم تكلفة الفساد على الخزينة اللبنانية، ومدى تأثيره السلبي على
عملية الإصلاح الاقتصادي المنشود، الذي تناوبت على تفصيله الحكومات، وهو لم يخصب
ولم يثمر. وبدا من هذا الصيتِ السيئ والسمعة البشعة، أن اشترطت الدول الراغبة في
بناء ما هدّمته الحرب الإسرائيلية، في القرى والجسورٍ أو في البنية التحتية
المختلفة، الإشراف بنفسها على إعادة الإعمار، مستفيدةً، طبعًا، من استقدام فريق العمل الخاص بها ومن استقدام
التجهيزات والمواد المنتجة في مصانعها، وتفرضُ هي نوعية المنازل والهندسة العامّة.
وطبيعيٌّ أن ترفع هذه الدول، أعلامها على بساط القرى المعاد تكوينها، فيصير في
لبنان يونيفيل اقتصادي على غرار اليونيفيل العسكري.
9 - لم تكن الحكومة، (الحكومات) لتأبه أيضًا إلى شؤون القطاعات الاقتصادية، ولا هي تفعل
الآن، إلا بمقدار علاقة أركانها بالفعاليات الاقتصادية التي ترعى القطاعات أو بعضها.
مشكلة الحكومة، في الأوراق الإصلاحية المبشّرة بتنشيط القطاعات الاقتصادية، أنها
لا تتشاور مع الخبراء العاملين على الأرض، أي المسؤولين في كل قطاعٍ اقتصادي.
ومشكلتها أنه لا تسعى في برامجها إلى لحظ إمكان خلق فرص عمل جديدة، أو إمكان تقليص
فرص العمل القائمة جرّاء الخصخصة المزمع إنجازها. فخلافًا للدعاية من أن فعل الخصخصة يخلق فرص عمل
جديدة. ففرص العمل لا يمكن أن تتوفّر إلا في القطاع الخاص حيث يجب على الحكومة،
وسائر الفرقاء، أن يجنبوه الاضطرابات المقلقة التي تنفّر المؤسسات كما نفّرت أبناء
هذا الوطن فاعتزلوا منه وهاجروا إلى دول العالم يحلمون بوقتٍ يصيرُ فيه وطنهم
سليمًا، وحكّامه عقلاء.
10
- لقد اشتاق الوطنُ الصغير، منذُ أكثر من 50 عامًا أن تكون له حكومة لكلّ مساحته
الجغرافية ولكلّ أبنائه، فكانت له حكوماتٌ فئوية تقهرُ فريقًا من اللبنانيين لا
يوافقها أفكارها، فتلفظه من الجسم السياسي وتمعنُ في حرمانه من الوظائف العامّة
ومن الإنماء للمناطق التي يمثّلها الفريقُ المناهض. من هنا تخسر الحكومة كينونتها
لكلّ لبنان فتصير لفريقٍ من دون آخر، ولا تتورّع عن الإخلاف في وعودها لمن تتظاهر
أنّها تجّلّه مثل غبطة البطريرك الماروني، فأخلفت معه في وضع قانون انتخابٍ عادل
وإقراره، وفي تعيين مديرٍ عامٍ لوزارة التربية، فبات يتردّد في طرح أسماء لمناصب
رفيعة، متحصنًا بالأمثال "من جرّب المجرّب كان عقله مخرّب" أو "لا
يُلدغُ المؤمنُ من الجرح مرتيّن".
وانسحابًا، تخطّت الحكوماتُ معيار التوازن المالي،
فأصدرت موازناتٍ عامّة لا تتكافأ مواردها
مع نفقاتها، فتراكمت الديونُ من دون احتساب أخطارها. فالاقتراض لا يجوزُ إذا لم
يشفع بدرس جدوى تقدّرُ تحقيّق عائدٍ ماليٍّ يغطي حجم الدين في مدةٍ زمنية محدّدة،
فإذا لم تتحقّق تلك الجدوى يكون الخبراء دون المستوى الذي يؤهّلهم وضع دراسات
الجدوى، وتكون المصارف المكتتبة بسندات الخزينة قد خالفت مبدأ الإقراض من دون
التأكُّد من ملاءة المقترِض وقدرته على الإيفاء. وهكذا انهارت مفاعيل الجدوى من
القروض للقطاع العام، لأنها في الواقع وُضِعَت ستارًا لتوزيع الريع الناتج من سندات
الخزينة على قلّةٍ من المحظوظين.
وإلى عدم
التوازن في مالية الدولة، ارتكبت الحكومات المتعاقبة مخالفة دستورية كبرى، إذ
خالفت مبدأ اعتماد الإنماء المتوازن والمستمر الذي نصّت عليه مقدّمة اتفاق الطائف
واعتبرت أيضًا جزءًا لا يتجزّأ من الدستور. كما خالفت قواعد الإدارة العامّة في
شأن التوظيف وإقالة الموظفّين، فلجأت إلى تعطيل ضمانات الوظيفة العامة وأقالت
عشرات المديرين العامّين، ووجّهت لهم اتهامات لم تتثبّت منها، ولم تترك القضاء
يتثبّت منها، واستبدلت بعضهم بمحسوبين على الأكثرية، وأفرغت مقامات البعض الآخر
فصار القائمُ بمهامّه، إما بالوكالة أو بالإنابة وربّما بالإعارة ، من دون أن
تُبقي على حرمةٍ للوظيفة العامة واحترامٍ للموظّف. ولم تتوانَ عن توجيه اتهاماتٍ
إلى مديرين من أصحاب الكفايات عندما يصرّون على مخالفة وزرائهم في عدم مخالفة
القوانين. وفي المخالفات تعديلٌ لأنظمةٍ
بعض مؤسسات الاستثمار العقارية، بما يحقق لها ربحًا إضافيًا، فضلاً عن
تجاوز مسائل كثيرة مثل تقدير الرسوم والضرائب على الأملاك العامة البحرية وغيرها،
أو إحداثِ منفعةٍ لأفراد من دون غيرهم، فتصيرُ تلك التجاوزات، مبرّرًا لقيام
مخالفات في مناطق ثانية لا تقدر الحكومة على قمعها، وهكذا تتم التوازنات السلبية.
ومن الأمثلة
الصارخة في انعدام التوازنات، أن يحرمُ الحكمُ مناطق من صيانة البنية التحتية، لأن
ممثليها معارضون، ويهملها من المخصّصات
الإنمائية أو يوقف بعض المشاريع الحيوية فيها، مثل السدود المائية التي يستفيد منها
أكثر من قضاء. أو هو يستبعد ترقية موظفين أو اعتماد بعضهم في مناصب رفيعة أو
أمنية، أو يحتضن موظفين جددٍ للغاية ذاتها، من دون أن يشعر المسؤول بخجلٍ من
سلوكيته الجائرة. فقبلُ كانت الحكومة تتذرّع بعجزها عن مخالفة أوامر سلطة الوصاية،
ولم يعد لديها مبرّرٌ لأن يستمرُّ الحرمان يظلّلّ المناطق ويوسّع فئة المحرومين،
فيصطفّوا في التظاهرات الممانعة للاستمرارية بهذا التفرد، ويرتفع سقف المطالب.
ونتيجةً لخروج الحكومة على مفاهيم الحكم الصحيح، صارت
معايير النمو مضطربة لا يمكن اتخاذها نمطًا للازدهار. فتوزيع الناتج المحلّي، وإن
حقّق نموًّا سنويًا إيجابيًا، يختلفُ بين المناطق وكذلك بين الأفراد، وقد لا يشذُّ
عن القاعدة العالمية حيثُ تسيطر الدول الغنية، والثرياء... فازدادت الفجوة بحسب
معطيات المؤشر (معامل جيني)...
11
- الجمود الاقتصادي، وإن لم يكن شاملاً، يجب ألا يحول دون تعميم التكافل
الاجتماعي، من ضمن تحقيق الديموقراطية بمعناها الواسع، أي توفير تكافوء الفرص في
التربية والتعليم والصحة والرفاهية المعيشية. لقد زاد الناتج المحلي الداخلي، في
الأعوام 1992و2002 بمعدّل 0.8 في المئة سنوياً، وهو معدّل يشير إلى أن الأعوام
التي تحققت فيها معدّلات نمو قياسية بنسبة سبعة أو تسعة في المئة، قابلتها أعوام
عجاف، كانت معدلات النمو فيها سلبية، مما حال دون تحقيق التوازن في ماليات
المؤسسات. وبين 1997 و2002، نما الناتج المحلي القائم بمعدّل 3 في المئة سنوياً،
لكنّ النمو جاء متفاوتاً إذ حقق معدلات 6.8، 0.03، ناقص 2 ، 2.3، و8.2 في المئة في
الأعوام المتتالية من 1998، مما لم يتح المجال، للحكومة من جهة، ولأرباب العمل من
جهة، توزيع العائد المحقق في كل من عامي
1998 و2002. واستمرّت هذه السياسة في 2003 ومعدل النمو 3 في المئة بلوغًا إلى خمسة
في المئة في 2004، ليعود سالباً عام 2005.
وخلافاً لظاهرة عدم ثبات النمو الاقتصادي،
فإن ظاهرة الأحوال المعيشية شبه المترفة، الطاغية على الحياة اليومية لفريقٍ واسعٍ
من اللبنانيين، وإن تلازمتً مع الهموم السياسية، نأت بالهمِّ المعيشي لدى
المحتاجين إلى واجهاتٍ خلفية. وحده الإعلام
صوّب الاتجاه نحوها ووسّع مسافات البحث، من دون أن يتردد صداها في هذا القفر
السياسي المتمادي الأطراف وحتى اللامبالي.
12
- لولا الإنتماء الطائفي، كان يمكن للديموقراطية في الوطن الصغير، أن تنفجر في وجه
الحرمان، والعوز والفقر، والتسلّط، مثل غيرها من الديموقراطيات التي استطاع
المقهورون أن يمارسوها في دول العالم. لكن الطائفية تمتص فعل الانتقام الجماهيري،
وتصوّبه حيث تريد وحيث لا ينبت قمحٌ ولا يصنعُ رغيف. وتحمي الطائفية المواقع
الاقتصادية الاحتكارية ومحاورها ومؤسساتها وفعالياتها، مثل حمايتها للزعماء
السياسيين المتوارثين، رغم تكاثر الذين سقطوا تحت خط الفقر.
12
– يقول نائب الرئيس الأميركي الأسبق، آل غور، في كتابه "المستقبل":
"تقودنا البوصلةُ الاقتصاديةُ المعطّلة، والمصابة بالخلل، إلى النمو غير
المستدام في الاستهلاك، وتدفقات التلوّث، واستنفاد الموارد الاستراتيجية لكوكب
الأرض من التربة السطحية والمياه العذبة وأصناف الكائنات الحيّو".
توصيات
إقتصاد الثروة الضائعة
ميشال مرقص
صعبٌ أن تستقيمَ توصياتٌ، أو تُنفّذَ برامجٌ في وطنٍ
حُكْمهُ كسيحٌ، وسياسيّوه مهووسون بالتقاعس عن الإصلاح.
المطلوب أن تستعيدّ الدولةُ مقوّماتها السليمة والصحيّة.
أنْ تستردّ المؤسساتُ – بخاصّةِ المؤسساتُ الرقابيةُ – مكانتها، تُخطّط – تُشرفُ –
تراقبُ – تعاقب... في مناخٍ من الشفافية السياسية والإقتصادية.
ولا شكَّ في أنَّ المناخ الديموقراطي، المرتكز على بناء
ديموقراطية سياسية صحيحة التمثيل، تَنتج عنها ديموقراطية اجتماعية تؤمن الحقوق
للمواطنين، تُتيح فضاءً من الإنماء المتوازن والمستدام.
وبناء على استنهاضِ الحكم المؤسسي، وتعزيز الرقابة
المسبقة والمباشرة والمؤخرة، يُمكن التوصية بالآتي:
1 – العودة إلى أصول المناقصات العامّة
أ – تصنيف المؤسسات المستوفية الشروط
ب – فكفكة عرى المصالح المشتركة في ما بين العارضين
المشتركين في المناقصات...
ج – ضبط بنود دفاتر الشروط – ووضوحها...
د – يُستحسن أن تدفع الهيئة الملزِّمة (إدارة عامّة) – عبر وزارة المال – ثمن
التجهيزات لشرائها فور التلزيم – حتى لا يدّعي الملتزم بارتفاع أسعارها لاحقًا
ويُضاعف الأسعار، فيزيد من قيمة الإلتزام... علمًا بأن متعهدين كثرًا يشترون
التجهيزات فور توقيعهم العقود... ثم يزيدون من أسعارها.
هـ - ضرورة تأليف هيئات استلام لكل مشروع ... تُشرف على
التأكد من مطابقة المشروع المنجز مع الشروط المطلوبة ... والمواصفات القياسية.
و – فتح المجال أمام الإنتاج الوطني المطابق للمواصفات
القياسية، أن يشترك في تجهيزات المشاريع.
ز - إنشاء محاكم ميدانية تبتُّ في الخلافات في ما بين
المتعهّد والهيئة الملزّمة في خلال شهرٍ على الأكثر...
ح – زيادة نفقات الموازنة العامة في الجزء الثاني –
المشاريع والتجهيزات.
2 – مباشرة استثمار مناجم النفط والغاز
السائل
بناءً على استعادة المؤسسات الرقابية دورها الفعّال،
يجبُ الإسراع في بت العروض وإجراء المناقصات، لتلزيم الاستقصاء عن النفط والغاز في
المياه الإقليمية وإنتاجه... على أن يُخصّص الريع المتوقع لإيفاء الدين العام
وتعزيز التنمية العامة والمستدامة بمشاريع عملاقة.
3 -
العودة إلى تنشيط مجلس الخدمة المدنيّة –
أ – اعتماد الكفاءة في التوظيف
ب – اعتماد الترقيات الاستثنائية كبادرة لمكافأة
الموظفين المنتجين
ج – معاقبة المخالفين إداريًا بتأخير التدرّج واستحقاق
الزيادات
د – التعاقد مع مياومين لفترات محدودة ولأعمال أو أشغال
محصورة – فتنتهي عقودهم بانتهاء العقود
هـ - كل فترة تعاقد تزيد على مدة ستة شهور تتطلّب تثبيت
المتعاقدين...
و - يمكن أن
يستفيد المياومون من تقديمات الصندوق الوطني للضمان الإجتماعي – أقلّه من صندوق
المرض والأمومة – (وأن يضم المياوم خدماته على مدى سنوات عمله المتفرقة)
4 – ضبط شبكة الإهدار المالي في القطاع
العام
أ – اعتماد العدالة في توزيع الضرائب – ما يُقلّص الفجوة
بين أصحاب الدخل ... فتتفاوت الهوّة المتمثلة بمؤشر معامل جيني... وهي تزداد
حاليًا – اتساعًا – إشارةً إلى تركز الثروة لدى قلّة من المواطنين.
ب – عدم التساهل في عمليات التهرّب الضريبي – والإلتفاف
على القانون
ج – ضبط موظفي المالية المسؤولين عن جباية الضرائب
والرسوم والتشدد في العقوبات.
5 – حصر الصناديق الخاصّة بالمناطق
وغيرها، بإشراف وزارة المال والهيئات الرقابية.
6 – تصويب الدفاتر المحاسبية لدى المؤسسات
الخاصّة لتفادي التهرب من الضريبة المستحقة أو من جزءٍ منها.
7 – إنشاء تعاونيّة من المزارعين، أو
صندوق تعاضد = تموّله الخزينة واشتراكات المزارعين ويضمنه كونسورسيوم من شركات
التأمين، لضمان الأضرار الناتجة عن كوارث طبيعية/ مناخية وفيضانات أو أمواج بحر
وغيرها...
8 – استكمال محطات تكرير المياه المبتذلة
وإنشاء معامل لمعالجة النفايات الصلبة، في ما يُعرف باستثمار النفايات...
9 – الإستفادة من الهيئات الأممية
المعنية، ومساعدات البنك الدولي، وتضافر جهود البلديات من أجل تشجير الجبال
الجرداء ... بأغراس كبيرة ورعايتها وحمايتها من الحرائق والاعتداءات...
10 – صون ما تبقى من احراج سنديان وأشجار
لزّاب وغيرها من أرز وصنوبريات لحماية الثروة المائية والسياحية
لا شكَّ في انّ
لأصحاب الأكفِّ النظيفة، والأخلاق الرفيعة، الدور الأساس في تصويب الشرعة السياسية
والإنفاق المالي واستقامتها...
ملاحــــق
لبنان بين استيراد المياه
وتصديرها
تعليقات وردت في الصحف
جمعها الأب جورج صغبيني راهب لبناني ماروني في
13/7/2014
لبنان
بين إستيراد وتصدير المياه
موريس الجميل: تصدير
المياه إلى السعودية.
ومحمد قباني:
إستيراد المياه من تركيا. المردة السبت 12 تموز 2014
قال محمد قباني أننا
"بحاجة إلى استيراد مئة ألف متر مكعب من المياه من تركيا لأن لا وجود لمصدر
آخر... وأوضح أن "هناك عدم ادارة سليمة للمياه.
لصوص المياه
يقول مروان طحطح:
الاعتمادات غير متوافرة لإنشاء سلسلة آبار ارتوازية سريعة. فمنذ أكثر من 15
سنة يجري استغلال أزمة المياه لتسويق خصخصة موارد لبنان المائية، لكن هذه المرّة
جرى التهويل باستيراد المياه من تركيا، فيما المياه متوافرة، لكن هناك من يريد أن
يسطو على ريوعها من خلال تعطيل ادارتها واساءة استثمارها.
ويقول محمد
وهبة: ما هو مطروح اليوم تحت عنوان «معالجة أزمة شحّ المياه»، انه ببساطة على
درجة السوء نفسها لمشروع خصخصة موارد المياه الذي يرُوّج له منذ سنوات، لأنه يستغل
حاجات الناس المائية من أجل نهب المال العام والسيطرة على موارد المياه. هذا ما
ينطبق على اقتراح استيراد المياه من تركيا وشراء المياه من شركات القطاع الخاص
المحليّة.
فلا أزمة المياه
بدأت اليوم، ولا شحّ المياه وصل إلى درجة الجفاف، ولا السارقون توقفوا عن ابتكار
طرق اللصوصية. هي سرقة منظمة تحت إشراف وتنظيم السلطة التي تركت أزمة المياه
تستفحل إلى درجة إخضاع اللبنانيين لأي من الخيارات التي تقدّم أمامهم من دون أي
تفكير بعد إيهامهم أن الشحّ وصل إلى درجة الجفاف، فيما هم في الواقع، يشترون
المياه من باعة متجولين يحصلون عليها من جوف الأرض بالطرق غير الشرعية، وهذا يمنح
الأزمة توصيفاً ملازماً هو أزمة إدارة المياه، تضاف إليها أزمة فوضى الاستثمار.
باختصار هي ليست
أزمة جفاف كما تصوّرها لجنة الطاقة والمياه النيابية. فلبنان يهدر سنوياً أكثر من
1.2 مليار متر مكعب من المياه. كل هذه الكميات تذهب إلى البحر من دون أن يهتزّ جفن
أي مسؤول. وتزداد خطورة الأمر عندما يتبيّن أن وزارة الطاقة والمياه تُدرك، وهي
على علم تام، بأن لبنان دخل في دورة شحّ المياه منذ أكثر من 15 سنة، وأنها أعدّت
خطّة عشرية لبناء 27 سدّاً في عام 1999 من أجل مواجهة هذا الشحّ الناتج عن تغيّر
المناخ وتأثيره على المياه السطحية والجوفية.
وبرغم ذلك، تصرّف
ممثلو السلطة في جلسة لجنة الطاقة والمياه النيابية كأنها ازمة جفاف طارئة
ومفاجئة. واللافت أن الاقتراحات التي خرجت عن جلسة اللجنة جاءت منسجمة مع السلوك
النمطي للطبقة السياسية، الذي يغلّب مصالح المافيا على المصلحة العامة ويستفيد منه
زبائن الحاكمين.
استيراد
المياه من تركيا
رئيس اللجنة
النيابية محمد قباني يقترح «استيراد المياه من تركيا بواسطة بالونات مائية
عملاقة»، بدا الامر كما لو انها سباق على ريوع المياه ومن يريد ان يسطو عليها.
«هطلت» الحلول من
«سماء» لجنة الطاقة والمياه النيابية. علماً بأنها ناقشت موضوع المياه منذ أكثر من
15 سنة. حين عقدت ندوة في مجلس النواب في شباط 2002، حيث قال نائب رئيس مجلس
النواب إيلي الفرزلي: «إن أزمة المياه التي يشهدها لبنان في السنوات الأخيرة،
وإمكانية تعاظمها مستقبلاً تدفعاننا إلى رسم سياسة مائية...
كل هذه السنوات مرّت
من دون أن يتوقف الحديث عن الازمة المنتظرة، إلا أنه لم يتخذ أي إجراء أو يُنفّذ
أي علاج لتلافي العجز المائي المتوقع، باستثناء إنشاء سدّ شبروح.
صحيح أن خطّة إنشاء
السدود أقرّت في مجلس الوزراء، وأقرّ تمويلها مجلس النواب من خلال قانون برنامج في
عام 2002، لكن الخطّة بقيت حبراً على ورق مثلها مثل عشرات الخطط التي وضعت لتطوير
بنية الخدمات العامة في لبنان.
ففي برنامج الأمم
المتحدة مارتا رويداس، ورد أن 80% من العائلات اللبنانية تعاني نقصاً في المياه في
فصل الصيف أسبوعياً، و50% في الشتاء.
إن طروحات الخصخصة
ومشتقاتها لم تتوقف، لكن ما اقترح أول من أمس بلغ حدّاً من الوقاحة لم يألفه
اللبنانيون، فالطرحان المقدمان، سواء في استيراد المياه من تركيا أو التنسيق مع
شركات المياه الخاصة ليس لهما سوى هدف واحد هو نهب المال العام. الطرح الأول ظهر
قبل أشهر على لسان المدير العام لمؤسسة مياه بيروت جوزف نصير، لكن اعادة طرحه اول
من أمس استدعى انسحاب المدير العام للموارد المائية والكهربائية فادي قمير من جلسة
اللجنة النيابية؛ فهل يُعقل أن يستورد لبنان المياه من تركيا، فيما يهدر لبنان
أكثر من 1.2 مليار متر مكعب من المياه في البحر، ولم يبنِ سوى سد واحد خلال 15
سنة. هذا السدّ، أي سدّ شبروح يخزن اليوم 4 ملايين متر مكعب من المياه، وبرغم أن
طاقته الاستيعابية هي 8 ملايين متر مكعب، وفي رأي خبراء اتصلت بهم «الأخبار»، لو
أن هناك عدداً كافياً من السدود المنشأة لتجنب لبنان أزمة الشحّ بعد تخزين أكثر من
850 مليون متر مكعب من المياه. وإذا كان اللبنانيون سيموّلون كلفة استيراد
المياه من تركيا عبر الخزينة العامة، ألم يكن الأجدر بالنواب محاسبة الحكومات
المتعاقبة على عدم تنفيذ مشاريع سدود؟ ألم يكن الأجدر تمويل مشاريع السدود كجزء من
الحلّ بدلاً من تمويل سلوك مافياوي لن يستفيد منه سوى شركة خاصة تكلّف استيراد
المياه من تركيا، وتكون مقرّبة أو محسوبة أو متشاركة في الباطن مع مرجع سياسي أو
حزب طائفي ما.
المياه موجودة...
غير موجودة!
كيف يستورد قباني
المياه إلى بلد لم تنقطع فيه المياه؟ إن التعبير الأدق عن الموضوع هو أننا نعاني
حالياً أزمة شحّ، لا انقطاع. فالشحّ يعني أن هناك عجزاً مائياً في توفير المياه
بالقنوات النظامية، ولا يعني أن الموارد غير موجودة، ولا يعني أن الكميات
المستغلّة من المياه كافية لتلبية الحاجات.
وبحسب دراسة أجراها
الخبير محمد فواز قبل نحو أربع سنوات، تبيّن أن عجز لبنان المائي يبلغ 690 مليون
متر مكعب وأن هناك كميات متاحة غير مستعملة تقدّر بنحو 300 مليون متر مكعب، لكن
رئيس قسم الاقتصاد في الجامعة الأميركية بسام همدر، يؤكد أن «هناك شقا من هذا
العجز ليس طبيعيا، فعلى سبيل المثال فإن نهر الليطاني وحده فيه أكثر من 500 مليون
مكعب تذهب سنوياً إلى البحر هدراً».
وإنشركات المياه
الخاصة في لبنان لبيع قوارير مياه الشرب أصلاً هي تسحب موارد ليست ملكها، بل ملك
عام تحت الأرض.
كما وإن أحد أهم
المخاطر التي تحدق بلبنان من قبل الكيان الاسرائيلي، أن لبنان يهدر مياهه ولا يعرف
كيف يستثمر هذه الموارد التي تحتاج إليها بلدان لديها عجز مائي كبير بسبب النقص في
مواردها الطبيعة. وقد يقول هذا الكيان: "أنتم غير جديرين بإدارة هذه المياه،
بل نحن الأجدر". الديار العدد ٢٢٤١ الجمعة ١١ تموز ٢٠١٤.
لبنان يعاني من شح
ضمير الحكام وليس من شحّ المياه
يقول جورج
العاقوري: إن بدعة إستيراد المياه من تركيا وقاحة، فقليل من
الحياء... 10 تموز- يوليو 2014
المسار الانحداري
الذي تعيشه الدولة اللبنانية منذ نصف قرن. منذ عهد كميل شمعون ثم فؤاد شهاب، وما
زلنا حتى الآن نعيش على ما أُنجز في هذين العهدين من مؤسسات ومرافق ومشاريع
إنمائية في الجمهورية… ومن يومها لم يملك لبنان رؤية مستقبلية تنموية ومؤسساتية.
النائب والوزير
موريس الجميل الذي توفي تحت قبة البرلمان عام 1970 “اقترح انشاء وزارة التخطيط
والتصميم اللبنانية وترأسها، كان رؤيوياً وسابق عصره، وإقترح تصدير المياه الى
العالم العربي مقابل النفط".
موريس الجميل، يبكي
حسرة من عليائه حين يسمع أن ثمة من يتفاصح في لبنان في عام 2014 ويمنّن الشعب بأنه
إكتشف “البارود” لحل أزمة المياه وذلك عبر إستيرادها من تركيا.
فـ”غول” الصفقات
والهدر ينهش جسم لبنان، وليس بحاجة لـ”فاطمة غول” مائية.
“بدعة” إستيراد
المياه من تركيا وقاحة، فقليل من الحياء.July 10, 2014
لبنان يريد أن يشتري
مياه العاصي الذي ينبع من لبنان ويصبّ في تركيا
جريدة الجمهورية:
لبنان في الزمن الرديء يستورد المياه
لا تزال تتردّد حتى
اليوم اصداء اقتراح النائب والوزير السابق موريس الجميل عندما اقترح في الخمسينيات
انشاء خطي انابيب ذهاباً واياباً نستورد بواسطة أحدهما النفط ونصدر في الثاني
المياه الى دول الخليج. الآية انقلبت اليوم، بعد اقتراح النائب محمد قباني استيراد
المياه من تركيا.
تخلّف لبنان عن
تنفيذ الخطة العشرية التي اطلقها المدير العام للموارد المائية فادي قمير عام 2000
وتشمل انشاء 39 سداً وبحيرة على مجمل الاراضي اللبنانية، وتهدف الى تخزين 850
مليون متر مكعب من المياه.
والنائب محمد قباني
يقول لـ»الجمهورية» ان وضعنا المائي سيء جداً ونحن في حاجة الى إعلان حال طوارئ
فعلية لمواجهة هذه الكارثة.
هل يعرف محمد قباني
عدد الأنهار في لبنان؟
يعتبر لبنان من أهم
مصادر المياه في شرقي البحر المتوسط إذ يوجد فيه حوالي 40 مجرى مائي:
الأنهار الساحلية أو
أنهار السفوح الغربية وهي ثلاثة عشر نهرا تصب في البحر الأبيض المتوسط وهي:النهر الكبير الذي يحد
بين سوريا ولبنان من الشمال ونهر أسطون ونهر عرقا ونهر البارد و نهر أبو علي (أو نهر قاديشا)
و نهر الجوز و نهر إبراهيم و نهر الكلب و نهر بيروت
و نهر الدامور و نهر الأوّلي و نهر سينيق و نهر الزهراني...
وأما الأنهار
الداخلية فهي ثلاثة أنهار داخلية: نهر الليطاني في البقاغ والجنوب. ونهر العاصي في الشمال. ونهر الحاصباني في الجنوب.
وقد أقامت الدولة
اللبنانية العديد من السدود للتحكم بجريان المياه ولتوليد الطاقة الكهربائية منها:
سد القرعون على نهر
الليطاني هو من أضخم السدود اللبنانية. وتبلغ كمية تخزين المياه 220 مليون م3
ويستعمل السد للتحكم بتدفق مياه النهر لخدمة الزراعة ولتوليد الكهرباء.
سد بسري على نهر
الأولي، سيجمع ما يصل إلى 128 مليون م3 وسيستعمل لمد مدينة بيروت وضواحيها بالمياه.
سد الخردلي وهو من
المشاريع المائية المؤجلة التنفيذ بسبب الأوضاع السياسية والذي يؤمل بتخزين 128
مليون م3.
والمشروع الأخضر،
أنشأ مئات مخازن المياه بين سنة 1964 و1992، وكما قامت مؤسسة نهر الليطاني بإنشاء
ثلاث برك تخزن حوالي 1.9 مليون م3 من المياه.
جاء في مجلة الدفاع
الوطني 1/4/2010 تحت
عنوان الواقع المائي في لبنان: إن المياه هي مورد حيوي للبنان سطحية كانت أو جوفية
ويجب تخطيط إستعمالها وادارتها
وان الإحصاءات
الرسمية الأخيرة تحدِّد عدد السكان المقيمين في لبنان للعام 2005 بحوإلى 4.8
ملايين نسمة مع نسبة النمو السكاني السنوي التي تقدَّر بحوإلى 2.7%، فيما
يقدَّرمجموع كمية الطلب على مياه الشرب والصناعة وفق المعايير المعتمدة من قبل
وزارة الطاقة والمياه وتقارير البنك الدولي بـ 300 ليتر لكلّ إنسان في اليوم.
وعلى الرغم من
تعدُّد مصادر المياه في لبنان، فإن الواقع يظهر وجود عجز بالميزان المائي مردّه
هدر 1.2 مليار م3 كل سنة في البحر.
وقد تعرَّضت مصادر
المياه في لبنان لكل أنواع التلوُّث بسبب غياب شبكات الصرف الصحي عن مناطق وجودها.
وفي حال تم تنفيذ البعض منها فإن انعدام أعمال صيانتها ومراقبتها بالإضافة إلى عدم
ربطها بمحطات التكرير قبل رميها بالقرب من السواحل ومجاري الأنهار والآبار، يزيد
من أسباب التلوث بالإضافة إلى المكبّـات العشوائية واستخدام الأسمدة والمبيدات
ورمي الزيوت والمحروقات في طبقات المياه الجوفية والأنهار والبحر.
وضعت المديرية
العامة للموارد المائية والكهربائية في وزارة الطاقة والمياه خطة عشرية ترتكز على
تأمين موارد مائية إضافية من خلال بناء السدود والبحيرات الجبلية هي الآتية:
تخزين الكميات
الممكنة من مياه السيلان السطحي في فصل الغزارة وتقدّر بحوال مليار متر مكعب في
السنة لاستخدامها في فترات الشحائح وبالتالي التخفيف من استعمال مخزون المياه
الجوفية الذي يجب ان يبقى مخزونًا استراتيجيًا يستعمل في حالات الحاجة الاستثنائية
فقط.
ووضعت وزارة الطاقة
والمياه الخطة العشرية لتنفيذ السدود والبحيرات الجبلية (27 سدًا وبحيرة) حيث نالت
موافقة مجلس الوزراء في القرارات الرقم 14/99 والرقم 12/2000 والرقم 18/2003
والرقم 3/2003... كما حظيت هذه الخطة بموافقة كبرى المؤسسات الدولية كالبنك الدولي
والاتحاد الأوروبي والبنك الأوروبي... وقد تَم حتى الآن تنفيذ سد شبروح (8.5 مليون
م3) وتلزيم سدود العاصي وبقعاتا واليمونة والقيسماني، ودراسة نهائية لـ 12 مشروعًا
جاهزًا للتلزيم.
ان مجلس الوزراء قد
وافق على اعتماد الخطة العشرية في تشرين الثاني/نوفمبر 1999 وتم التصديق على
اعتماداتها في قانون برنامج صادر في موازنة عام 2001. وقد تم التأكيد على هذا
القرار في أيلول/سبتمبر 2003 بعد ان عُرضت الخطة بتفاصيلها كافة على مجلس الوزراء
الذي أقرّ تأمين الإعتمادات من قانون برنامج الخطة المعدّلة في موازنة عام 2003
على أن تصرف إبتداءً من موازنة عام 2004 لغاية عام 2011.
لكن المعوقات
التي حدَت من تنفيذ الخطة العشرية كانت الاستملاكات لم تلحظها الحكومة والتي تعيق
اعمال التنفيذ قبل دفع التعويضات المترتية لأصحاب الأملاك المستملكة.
أضف إلى ذلك، التدخلات
السياسية المناطقية وتضارب مفاهيم التنمية المستدامة للبنان.
هذا ونشير إلى أن
الظروف الأمنية أو الاعتداءات الإسرائيلية، كما حصل في مشروع سد العاصي حين قامت
الطائرات الإسرائيلية بقصف المنشآت وتخريبها خلال تنفيذ المشروع ما أدى إلى توقف
العمل وعدم استكمال المشروع بسبب عدم دفع التعويضات من قبل الهيئة العليا للإغاثة
ولا سيما التي طلبها الملتزم بدل الأضرار التي حصلت من جراء هذا القصف.
وكذلك العراقيل التي
حصلت في سد اليمونة عندما كلفت الهيئة العليا للاغاثة بدفع التعويضات للأهالي عن
الأملاك المستثمرة في منطقة السدّ ولم تزل عالقة لتاريخه من دون نتيجة مما أدى إلى
وقف تنفيذ هذا السد.
هذا بالاضافة إلى
عدم تصديق مشاريع السدود الملزّمة من قبل المراجع المختصة. وإن عدم استغلال لبنان لمياهه تتسيّب بهدرها
إلى البحر دون الانتفاع منها.
خطّة انشاء السدود
والبحيرات
إن الخطة بدأت تظهر
الحاجة إلى التخزين السطحي من أيام المهندس إبراهيم عبد العال.
وفي الخمسينيات من
القرن الماضي قامت النقطة الرابعة POINT IV الأمريكية بدراساتها
الأنهر اللبنانية، وبتحديد مواقع السدود عليها.
وفي عام 1969 قامت
بعثة منظمة الأغذية والزراعة FAO بدراسة شاملة لإنشاء
سدود في محافظة لبنان الشمالي في أقضية عكّار وطرابلس وزغرتا والكورة.
والدراسات التي
أعدّتها الشركة الفرنسية Lyonnaise des Eaux عام 1995 والتي
بيّنت حاجة لبنان إلى اتباع سياسة مستقبلية في بناء السدود لسدّ العجز المتزايد في
ميزانه المائي.
وقامت المديرية
العامة للموارد المائية والكهربائية في وزارة الطاقة والمياه بوضع خطة عشرية
للمشاريع المائية ولا سيما مشاريع السدود والبحيرات.
1 سد شبروح-
فاريا يتصدَّر مشاريع الخطة العشرية التي أعدتها المديرية العامة للموارد
المائية والكهربائية. وتم تدشينه في 3 تشرين الأول/أكتوبر 2007. ويهدف مشروع شبروح إلى تأمين تخزين 8 ملايين
متر مكعب سنوياً
2- سد
اليمونة تم تدشين مشروع سد وبحيرة اليمونة في قضاء بعلبك حيث وضع حجر
الأساس لبدء التنفيذ في 14/11/2009.
3
- سد
بقعاتا يشمل تنفيذ إنشاء سد وبحيرة بقعاتا في وادٍ على بعد 2 كلم جنوبي
بلدة كفردبيان. بسعة ستة ملايين متر مكعب، تسمح بتأمين مياه الشفة للعديد من بلدات
قضاء المتن.
4
- سد المسيلحة على نهر
الجوز يؤمن المياه للمنطقة الساحلية في قضاء البترون: كبّا - سلعاتا -
البترون – الهري – الدورة – شكا العتيقة – وجه الحجر – حامات. وفي قضاء الكورة : أنفـه.
5- سد
بلعا ملف التلزيم جاهز منذ عام 2004. البلدات المستفيدة
بدءًا من مدينة تنورين وصولاً إلى البلدات الواقعة في منطقة البترون العليا
والوسطى.
فمنذ عام 1992
المياه تتعرَّض للاستغلال العشوائي والاستنزاف الجائر، في غياب القوانين والأنظمة
الرادعة. وقد نتج عن استباحة هذه الثروة الطبيعية، أن اختل التوازن بين الوارد
الطبيعي للخزان الجوفي وعملية السحب المتمادية للمياه بواسطة الآبار الارتوازية
التي ارتفع عددها بشكل عشوائي مخيف. وقد نتج عن هذا الاستنزاف المتمادي لطاقة
الخزان الجوفي أن تسربت مياه البحر إلى المياه الجوفية بخاصة في العاصمة بيروت،
وعلى الساحل إجمالاً.
وتعرَّضت مصادر
المياه في لبنان لكل انواع التلوث بسبب غياب شبكات الصرف الصحي عن مناطق وجودها،
وفي حال وجودها انعدام اعمال صيانتها ومراقبتها بالإضافة إلى عدم ربطها بمراكز
لمعالجة مياه الصرف الصحي المبتذلة قبل رميها بالقرب من السواحل ومجاري الأنهار
والآبار. ومن أسباب التلوث أيضًا المكبات العشوائية واستخدام الأسمدة والمبيدات
ورمي الزيوت والمحروقات في الأنهار والبحر.
يضاف إلى هذه
الصعوبات أن 70% من مصادر المياه والشبكات في لبنان معرَّضة للتلوث الجرثومي،
وتزيد بمعدل 80% في موسم الجفاف. وتعود أسباب هذا التلوث إلى:
- عدم وجود حماية
لمصادر المياه الطبيعية
- تعرض الينابيع
والمصادر السطحية لمياه الزراعة والمياه المبتذلة والنفايات الصلبة
- الطرق غير السليمة
للتخلص من المياه المبتذلة والنفايات الصلبة
- تعرض شبكات المياه
لتسرب من المياه المبتذلة اليها
- صيانة غير كافية
لشبكة توزيع المياه
لبنان عطشان... وسياسيوه يسقونه الكلام موقع العنكبوت
يعتلون المنابر، يعلنون عن خطط في الهواء،
ويعودون الى منازلهم استعداداً لخطبهم المقبلة...
لصوص المياه: ندرة
المتساقطات لا تعني جفاف الموارد جريدة الأخبار-تموز 10, 2014
وتزداد خطورة الأمر عندما يتبيّن أن وزارة
الطاقة والمياه تُدرك، وهي على علم تام، بأن لبنان دخل فيدورة
شحّ المياه منذ أكثر من 15 سنة، وأنها أعدّت خطّة عشرية ...
لبنان في الزمن الرديء يستورد المياه أونلي ليبانون- تموز
8, 2014
تعقد لجنة الطاقة والمياه النيابية
اجتماعاً غداً الاربعاء للبحث في “آلية عملية لمعالجة أزمة شحّ المياه”،
خصوصاً بعد تفاقم هذه الأزمة في ظل تخلّف لبنان...
نقص المياه 400 مليون متر مكعب Al Jadeed تموز 11, 2014
كشف وزير البيئة محمد المشنوق عن "وجود
نقص في المياه اليوم... سيما وان هناك زهاء 7 ملايين نسمة
يستهلكون المياه في لبنان ".
سياسي يدعو
اللبنانيين للاستحمام مرة واحدة اسبوعًيا ايلاف-تموز 10, 2014 توقع محمد قباني، رئيس لجنة الأشغال العامة
والطاقة بالبرلمان اللبناني، أن تتفاقم أزمة المياه التي
يواجهها لبنان في الأيام المقبلة...
مياه الشرب المعبأة في لبنان.. كنز خارج
الرقابة صحيفة العربي الجديد-تموز 11, 2014
وتتحرك اسعار المياه المعبأة في
لبنان وفق أهواء التجار، حيث تبدأ الاسعار من 1000 ليرة ( 65 سنتاً) لكل
عشرة ليترات مياه في المناطق الشعبية والأحياء ...
البزري طالب بمحاسبة المقصرين في مصلحة مياه لبنان الجنوبي
وكهرباء ... النشرة-حزيران 29, 2014 اعتبر رئيس
بلدية صيدا السابق عبد الرحمن البزري ان "شهر رمضان هذه السنة يأتي في ظروفٍ
صعبة أمنياً واقتصادياً ومعيشياً ويزيد من صعوبته الإهمال ...
قانصوه: المؤامرات
مستمرة على مياه لبنان وأكثر من نصف ثروته تهدر الأحد 29 حزيران 2014http://www.lebanonfiles.com
قانصوه "إن
المؤامرات مستمرة على مياه لبنان بالنسبة للشفة والري والكهرباء، بالاضافة الى هدر
مياه الانهار والينابيع ، وحتى الآن تضيع أكثر من نصف ثروة لبنان المائية تهدر الى
البحر. وقدمت عرضا عام 58 ولا يزال قائما بإقامة نفق أسميناه "نفق
حمانا" ينطلق من الزلقا الى منطقة جديتا - شتورة، ويبدأ بارتفاع 300 متر
وينتهي ب 800 متر بشكل انحداري ، وبالدراسة الجيولوجية نستخرج مياه نظيفة بما يكفي
مياه شفة لبيروت وزحلة، وبما أن لا احد يستفيد من هذا المشروع أوقف الموضوع وما
زال معطلا على ابواب دولة تعاني قريبا من العطش".
وشدد على
"إقامة سدود ترابية في الوديان وبحيرات اصطناعية تحسبا للتصحر الآتي على
المنطقة".
وعن البترول، قال
قانصوه: "ان الالمان حفروا في القاع بئرا العام 1961 وآخر في تل زنوب قرب
شتورا، ولم يكن حينها أحد يسمع عن الغاز او النفط، فالنفط والغاز موجودان في
البقاع على عمق 1300 متر وما لم نستخرجه يوما. كان سعر البرميل 5 دولارات علينا
استخراجه اليوم وسعر البرميل 100 دولار. والبترول لدينا في سهل عكار والبقاع عمق
1500 كلم، فيما المياه الجوفية على عمق من 300 الى 700 متر، ولنعطي الشركات من 20
الى 25 في المئة ونعمل على استخراج ثروتنا، فهذه الثروة داعمة في مجتمعنا ويمكننا
الافادة من ذلك. فالصراع قائم حاليا على لبنان والحرب قائمة طالما يوجد نفط ستبقى
قائمة ، وحتى الآن لا يوجد وزارة نفط، وعدم استخراج النفط من أفضح الاخطاء، فقد
أنشأوا هيئة لسرقة النفط ممثلة ب 6 طوائف ، وأتحداهم ان يكون كلامي غير صحيح...
بنت جبيل تنتفض على
الفساد في توزيع المياه. الجمعة 20 حزيران 2014 http://www.lebanonfiles.com
خلافاً لتصريحات
المسؤولين المعنيين، تفاقمت أزمة المياه في منطقة بنت جبيل برغم كل المشاريع التي
أُنجزت أخيراً بتمويل من مجلس الانماء والاعمار، والمقدرة بعشرات الملايين من
الدولارات... ويرى رئيس الحركة الثقافية في لبنان بلال شرارة أن «المشكلة باتت
واضحة، وهي تتعلق بالفساد وسوء الادارة،
المياه في لبنان،
دراسة في سياستها التنظيمية والتشريعية، د. بسيم حنوش، تشرين الاول/ اكتوبر 1962،
العدد الرابع والعشرون، الرائد العرب.
هناك خمس وزارات لها
ارتباط بتنمية مصادر المياه بنسب متفاوتة وعلى مستويات مختلفة. وهذه الوزارات هي:
وزارة التصميم، وزارة الاشغال العامة، وزارة الزراعة، وزارة الداخلية (عن طريق
البلديات) ووزارة العمل والشؤون الاجتماعية (من خلال الانعاش الاجتماعي)...
http://alhakawati.net 8 تموز (يوليو) 2014
تخلّف لبنان عن
تنفيذ الخطة العشرية التي اطلقها المدير العام للموارد المائية فادي قمير عام 2000
وتشمل انشاء 39 سداً وبحيرة على مجمل الاراضي اللبنانية، وتهدف الى تخزين 850
مليون متر مكعب من المياه.
اقتراح النائب
والوزير السابق موريس الجميل عندما اقترح في الخمسينيات انشاء خطي انابيب ذهاباً
واياباً نستورد بواسطة أحدهما النفط ونصدر في الثاني المياه الى دول الخليج...
الديار الاربعاء 22
آب 2001
لا تزال مشكلة تلوث
المياه الجوفية في لبنان تتفاعل يوما بعد يوم، وصحة المواطن من جراء هذا الخطر تقع
ضحية استهتار الدولة لناحية حل هذه المشكلة التي تنجم عنها حالات استشفائية كثيرة
خصوصا بين افراد ذوي الدخل المحدود بل الفقراء العاجزين عن دفع فاتورة مياه معدنية
من شأنها تجنبهم خطر مياه شبكة الدولة الملوثة.
المطلوب صيانة
ومراقبة الآبار الارتوازية التي تغذي المناطق وتعاني من التلوث جراء تسرب مياه
المجارير اليها.
استحداث شبكة للصرف
الصحي. فالآبار الصحية أو الآبار الأرتوازية التي تتحوّل إلى آبار صحيّة في فيللات
الزعماء والتي تشكل الخطر الكبير اذ تتسرب مياهها الى مجاري مياه الشفة، عبر شقوق
الآبار، وفي الطبقات الارضية التي يتفشى فيها التلوث.
تشديد المراقبة
وانزال اقسى العقوبات بالمتلاعبين في توزيع المياه من الشبكات الرسمية من اجل
تقديم المنفعة الخاصة على المنفعة العامة، من خلال «الخدمة» التي يسديها الموظف
لأحدهم اذ يتلاعب بعيار المياه على حساب المشتركين الآخرين.
لأن الدولة
اللبنانية، تتكبد من جراء التلوث اعباء مادية استشفائية على حساب وزارة الصحة
بإمكانها تلافيها وذلك بإبعاد المعنيين عن التقاعس والسرقة والسمسرة
والمحسوبيات... وإلا فكيف تُملأ أحواص السباحة بالمياه وكل ذلك يحصل بسبب حماية
السياسيين لأمثال هؤلاء تحت شعار كلّ فاسد صغير خلفه فاسد كبير يحميه.
الدين العام في لبنان 1992 ــ
2010:
آليات تكوينه وانعـكاساته الاقتصادية
والاجتماعية
تضخم الدين العام بمعدلات مرتفعة في العقدين الماضيين، فزاد من
50,8 في المئة من الناتج المحلي القائم في 1993 إلى نحو 184في المئة عام 2006. ومع أنّ معدلات النمو الحقيقي المرتفعة في
السنوات الثلاث الأخيرة المترافقة مع معدلات تضخم عالية، خفضت معامل الدين/ الناتج
إلى 133في المئة فقط بداية 2011، فإنّ فوائد الدين لا تزال باهظة، واستنزفت السنة
الماضية 49 في المئة من الإيرادات الحكومية تقريباً و62,3في المئة من الواردات
الضريبية، ولم تقلّ حصتها عن 36,5 في المئة من مجموع النفقات، مستأنفة بذلك مسارها
التصاعدي بعد وتيرة تنازلية بدأت في 2006 وبلغت أدنى نقطة لها في 2009
د.عبد الحليم فضل الله
مدير المركز الإستشاري للبحوث والدراسات
تراجع النمو النسبي للدين
العام في السنوات الأربع الأخيرة، ومن أسباب ذلك الاستفادة ضمناً من ضريبة التضخم،
الذي سجل ما لا يقل عن 30 في المئة معدلاً تراكمياً، فنمت الإيرادات بنسب تفوق نمو
النفقات. في تلك السنوات، زادت النفقات بمعدل 35,4 في المئة تراكمياً، في مقابل 45
في المئة لإجمالي الإيرادات و78,6في المئة للإيرادات الضريبية وحدها. ويعود ذلك
التباين، بالدرجة الأولى، إلى تحسن عائدات ضرائب الاستهلاك، تأثراً بالتحويلات
وتدفق الأموال إلى القطاع المصرفي. وفي الوقت ذاته، تضخمت محفظات القروض الشخصية
لدى المصارف، مع زيادة الأسر لاستهلاكها.
ويعود ذلك لزيادة القدرة
على الاقتراض، أكثر من استفادتها من النمو الاقتصادي المرتفع. وفي المقابل، كان
للظروف السياسية الاستثنائية التي حالت دون إقرار خمس موازنات عمومية حتى الآن،
أثر انكماشي على الإنفاق، كما أنّ قيام حكومة ذات تمثيل ائتلافي عريض بعد 2008،
احدث تحوّلاً في الآليات السياسية لاتخاذ القرار المالي، الذي لم يعد محصوراً بيد
الطرف الذي تولى السلطة المالية، واحتكر القرارات الأساسية منذ 1992. وكان من
نتائج ذلك الاحتكار، عجز سنوي خيالي بلغ متوسطه 50 في المئة تقريباً، بين 1993
و2000، قبل أن يتراجع إلى 32 في المئة في السنوات اللاحقة. ومن ظواهر الإفراط
المالي أنّ مجموع الإيرادات الضريبية بين 1993 و 2005 (آخر موازنة) كان أقل من
المدفوعات السنوية لتمويل فوائد الدين.
ديناميات تضخم الدين
العام ومحفّزاته
سننطلق في تحليل أسباب
النمو الدراماتيكي للدين العام من الفرضيات التالية: إنّ اعتماد الاقتصاد على الأموال
الآتية من الخارج، أكثر من اعتماده على النشاط الاقتصادي الداخلي، أضعف قدرة
الحكومات على التحكم بنتائج سياساتها، وقلل في أكثر الأحيان من فاعلية الإجراءات
التي تتخذها. كذلك عدم جدية الخطط المعلنة أو عدم المبالاة بتنفيذها أصلاً،
والاتكال المضمر على الثقة الخارجية المشتراة بأموال الخزينة، أوقع المالية العامة
في فخ المبالغات، وأوجد فجوة دائمة بين الآمال والوقائع، كما وجه الاهتمام
بالنتائج القريبة والمباشرة للبرامج الحكومية وإجراءاتها، دون آثارها البعيدة أو
غير المباشرة.
في معظم سنوات ما بعد الحرب الأهلية، كانت هناك خشية من أن يتبادل
المساران السياسي والاقتصادي التأثير سلباً على الاستقرار، فصارت إحدى وظائف المال
العام الحيلولة دون تحوّل المصاعب السياسية إلى أزمات اقتصادية والعكس بالعكس.
واستناداً إلى تلك الفرضيات، تحرك الدين العام صعوداً في سنوات 1992 ــ 2010، متأثراً
بثلاث ديناميات، سرّعت نمو الدين العام، وشكّلت روافع قوية له، وانتهى بها المطاف
إلى جعل الاقتراض أساس الحركة الاقتصادية والمالية في البلد.
استمدت تلك الديناميات قوتها من اتجاهات ورؤيات وسياسات يمكن جمعها
في ثلاثة محفزات عملت روافع للدين العام:
أولاً: المحفّز السياسي للدين، وهو يستند إلى فرضية إقليمية وآلية
داخلية: الفرضية هي تحقق ما يسمى السلام الإقليمي في أسرع وقت، فمن شأن ذلك قيام
سوق شرق أوسطية مفتوحة وتكامل بين اقتصادات المنطقة على لبنان أن يتكيف معهما
بأسرع وقت. بالتالي إنّ رفع المديونية العامة لتمويل الإنفاق على تأهيل البنية
التحتية، تكيّفاً مع ذلك الاستحقاق، أمر لا ينبغي أن يثير القلق، خصوصاً أنّ عوائد
السلام المزعوم ستكون وفيرة وتسمح بتغطية كلفة الدين وأكثر.
الآلية الداخلية، أو ما يمكن تسميته الإنفاق التعويضي. فبعد الطائف
انفصل القرار الاقتصادي عن القرار السياسي، وصار مهندسو اقتصاد ما بعد الحرب
مضطرين إلى استرضاء شركائهم في الوطن، والمتضررين الأقوياء من سياساتهم الاقتصادية
والاجتماعية والمالية/ النقدية. ومن بين هؤلاء خصوصاً مجتمعات الأطراف، فأغدق
صانعو القرار الاقتصادي الجدد في الإنفاق على بنود قليلة الجدوى اجتماعياً وعديمة
الفاعلية اقتصادياً، تحقيقاً لتلك المقايضة الرديئة بين المال العام من جهة،
والمشروع الاقتصادي للبنان ما بعد الحرب المبني على أسس وطنية هشة.
ثانياً: المحفز الاقتصادي: كان مشروع إعادة الاعمار المرجع الضمني
للأطروحة الاقتصادية لمرحلة ما بعد الحرب. فهيمنت نزعة تجارية ومالية، وصارت
المنافسة الإقليمية ترتكز على استقدام الأموال من جهة، وعلى اجتذاب الشركات
والمؤسسات الأجنبية من جهة أخرى. أي أنّ الاهتمام انصب على القسم الثاني من ميزان
المدفوعات، وعلى ميزان الرساميل خصوصاً، فيما أهمل ميزان المعاملات الجارية الذي
يعبّر عن قدرة الدولة على الإنتاج. ويعني ذلك أنّ الدينامية الاقتصادية لمرحلة ما
بعد الحرب، قامت على زيادة الجاذبية (للأموال) لا على زيادة الإنتاجية. ولأنّ تلك
الرؤية سعت إلى بناء اقتصاد قليل التنوّع والتخصص، يرتكز على الموارد الخارجية لا
الداخلية، لم يهتم صانعو القرار بتعبئة المدخرات المحلية، وفضلوا الاعتماد على
الديون العامة الممولة بأموال آتية من الخارج، لتظل معدلات الاقتطاع الضريبي
منخفضة في التسعينيات، فلم تحقق سوى 8.5 في المئة معدلاً وسطياً من الناتج المحلي
في الأعوام 1992 ــ 2000، من بينها 3 في المئة فقط للضرائب غير المباشرة.
ثالثاً: المحفز النقدي: بما أنّ الهدف الرئيس للدولة هو الحصول على
مزيد من الأموال الخارجية، صار دور السياسات النقدية إقناع المستثمرين، ولا سيما
اللبنانيين والعرب منهم، بتوجيه عنايتهم إلى البلد، من خلال التركيز على أربعة
عناصر لم تتغيّر منذ بداية التسعينيات: التثبيت النقدي؛ زيادة معدلات الفائدة؛
تعقيم السيولة؛ والثنائية النقدية. وقد طبقت تلك التوجهات بطريقة لا تنسجم، في
معظم الأحيان، مع احتياجات التوازن المالي والانتعاش الاقتصادي، ولو أنّها عملت
لصالح الاستقرار.
لم تتحقق التوقعات الأساسية التي بنيت عليها المحفزات الثلاثة،
وتضاربت أو تناقضت، في أكثر الأحيان، مساراتها ومفاعيلها، الأمر الذي أدى إلى
فقدان السيطرة على الدين العام. فالسياسة النقدية قوّضت الأساس الاقتصادي لرؤية ما
بعد الحرب، القائمة على أنّ القطاع الخاص هو أساس النمو، وهو ما كان يفترض اعتماد
سياسات نقدية توسعية لا تضييقية كما حصل فعلاً. وكانت الدينامية السياسية من
عوامل تهديد الاستقرار المالي لكونها شجعت الهدر وأجّلت قرارات كان ينبغي البدء
بها، وعلى رأسها زيادة معدلات الجباية ورفع إيرادات الدولة المتأتية من الضرائب
المباشرة. وقد تفاعلت تلك المحفزات الثلاثة مع ما تضمنته من إخفاقات، على نحو
أدى إلى زيادة الدين العام بمعدلات متسارعة.
ويمكن تقويم اثر ذلك على حجم الدين العام من خلال التقريب الحسابي
التالي: قام المحفز السياسي على فرضية تحقق ما يسمى السلام الإقليمي، واستمد
ديمومة تأثيراته من المبالغة في الإنفاق داخلياً لاسترضاء المتضررين من السياسات
الجديدة. ولذلك فإنّ المؤشرين التاليين يساعدان على قياس مساهمة العامل السياسي في
زيادة الدين العام. المؤشر الأول: هو الفارق بين العجز الفعلي والعجز المخطط له في
قوانين الموازنات العامة، في كل سنة من السنوات محل الدرس. المؤشر الثاني:
الإيرادات الضريبية الفائتة نتيجة الانخفاض الشديد والمقصود في المعدلات الضريبية،
ولاسيما ضرائب الدخل.
في المؤشر الأول، بلغ العجز الزائد في السنوات 1992 ــ 2005 نحو
8300 مليار ل.ل (5.53 مليار دولار أميركي)، ومعظمها في الأعوام 1992 ــ 1998 (6466
مليار ل.ل).
وفي المؤشر الثاني، كان بوسع الحكومات أن تزيد الإيرادات الضريبية
في سنوات 1992 ــ 2004، بما مقداره 11 ألف مليار ليرة لبنانية (أي ما يربو على 7.5
مليار دولار) لو حققت معدل الاقتطاع الضريبي نفسه الذي تحقق في السنوات التالية
ووصل إلى 16 في المئة من الناتج في سنوات 2005 ــ 2010، دون أن ننسى أنّ ذلك
المعدل يقل بدوره عن متوسط الاقتطاع الضريبي، في الدول متوسطة الدخل.
أدت الاستراتيجيات الاقتصادية التي اتبعت بعد الحرب الأهلية، إلى
خفض معدلات النمو الاقتصادي عما هو متوقع، فبدلاً من نمو حقيقي متوسطه السنوي 8 في
المئة في أعوام 1992 ــ 2010، حسب تقديرات معدّي خطط إعادة الاعمار، لم يتجاوز
النمو 3.75 في المئة. ويعني ذلك أنّ حجم الاقتصاد حالياً، يوازي ثلث ما كان يمكن
تحقيقه من ناتج، لو تحقق سيناريو النمو المرتفع. وحتى لو اعتمدنا سيناريو أكثر
تواضعاً، يفترض تحقيق نمو يعادل متوسط النمو الذي حققته دول المنطقة في المدة ذاتها،
فسيتبيّن أنّ الناتج الحالي لا يزيد عن ثلثي الناتج الذي كان يُمكن تحقيقه، وفق
ذاك السيناريو. إنّ خسارة ذلك القدر من النمو، خسارة موازية في الإيرادات الضريبية
التي يرتبط حجمها بحجم الاقتصاد. وبحساب بسيط يظهر أنّ مجموع العائدات الضريبية
المهدورة نتيجة الخيارات الاقتصادية الخاطئة لا تقل عن 20 ألف مليار ليرة لبنانية
(13.34 مليار دولار). واللافت هو أنّ ذلك الرقم يوازي تقريباً الفوائد الإضافية
التي دفعتها الدولة في التسعينيات، لجذب الأموال من الخارج، تعويضاً عن ضعف
الإنتاج الداخلي، وهو ما يدل على أنّ احد أسباب الإفراط في الاستدانة بشروط مجحفة،
هو ضعف الأداء الاقتصادي المنعكس سلباً على مالية الدولة.
لتقدير تأثير العامل النقدي على نمو الدين العام، سنستند إلى مؤشر
فائض الاكتتابات بسندات الخزينة، وهو بمثابة دعم حكومي مستتر، وغير محدد بفترة
زمنية، لإجراءات تعقيم السيولة وكبح التضخم وتثبيت سعر النقد، ولا تقل كلفة ذلك
الفائض طوال المدة، عن ستة آلاف مليار ليرة لبنانية، وفق اقل التقديرات.
والنتيجة هي أنّ العوامل الثلاثة مسؤولة عن 57 في المئة تقريباً من
الدين العام المتراكم، أي ما يوازي 30 مليار دولار أميركي، موزعة على الشكل الآتي:
12.5 مليار دولار بسبب الخيارات والرهانات السياسية الداخلية والخارجية. 13.5
مليار نتيجة السياسات الاقتصادية الأحادية وغير المرنة. وما لا يقل عن 4 مليارات
دولار دعماً للسياسات النقدية.
بكلمة أخرى، إنّ الدين العام «الطبيعي» لم يكن ليتجاوز في لبنان 60
في المئة من الناتج (مقارنة بـ69 في المئة المعدل العالمي)، لولا روافع الدين
السياسية والاقتصادية والنقدية التي لا تمت بصلة لحاجات الخزينة ووظائف المالية
العامة ومتطلبات التنمية.
الآثار الاجتماعية
والاقتصادية للدين العام
في بداية التسعينيات، كان
رهان كبير على النمو الاقتصادي لتمويل نفقات الدولة، التي توزعت ما بين إنفاق
استثماري لم تتجاوز حصته 8 في المئة من الموازنة للأعوام 1992 ــ 2010، وإنفاق جار
كانت حصصه من مجموع الإنفاق في المدة نفسها: 38 في المئة لخدمة الدين العام، 29,7 في
المئة للأجور الرواتب، 10,63 في المئة
للنفقات الإدارية والاستهلاكية العمومية، من أصل 183651 مليار ل.ل. هي مجموع
الإنفاق في تلك المدة.
غطت الضرائب المباشرة 13في المئة تقريباً من مجموع الإنفاق،
والضرائب غير المباشرة 30في المئة منها تقريباً، والعائدات غير الضريبية (الوفر
المتحقق في قطاع الاتصالات) نحو 40,7 في المئة، فيما موّلت الديون العامة ما يوازي
38,6 في المئة من النفقات. وفيما لم يتخط العجز الأولى في المدة كلها 0,3 في المئة
من مجموع الإنفاق، سجل معدلات مرتفعة في السنوات 1992ــ 2000 تجاوزت 11في المئة،
ثم تحوّل في السنوات اللاحقة إلى فائض تجاوز 7,5 في المئة في الأعوام 2005 ــ2010.
تلك السياسة المالية المجافية للنمو وللفقراء في آن معاً، كان لها
وقع سيئ، فبعد دفعة رواج دامت ثلاث سنوات تقريباً، بدأت دورة تباطؤ وركود، استمرت
حتى 2003. وبخلاف فرضيات خطة النهوض الأولى التي قامت على أساس تحقيق نمو متراكم،
بمعدل 8 في المئة سنوياً، يؤدي إلى تحقيق التوازن المالي خلال أربعة أعوام
(انطلاقاً من 1992) من دون الحاجة إلى زيادة الضرائب، لم يتعد النمو 3,75 في المئة
في السنوات 1993 ــ 2006، من بينها 1,5في المئة في السنوات 1997ــ 2002، مع نتائج
سالبة في بعض الأعوام. وقد استندت توقعات النمو الايجابية تلك إلى عاملين: الأول
رصيد الاستثمار الأولي المخطط له في مرحلة ما بعد الحرب، والثاني سياسة الانفتاح
التي اعتُقد أنّها ستجلب تدفقات كبيرة ومتواصلة من الأموال.
لم يتحقق شيء من ذلك، بل زاد الدين بوتيرة أعلى بكثير من نمو
الناتج المحلي، فزادت كلفته وتضاعفت أعباؤه. في الأعوام 1993 ــ 2010 سُجل نمو
اسمي بمعدل 10 في المئة تقريباً، لكن ديون الحكومة نمت في المدة نفسها بمعدل 15 في
المئة سنوياً (12,5في المئة للدين العام الداخلي بالليرة اللبنانية الذي تضاعف 8
مرات مقابل 23 في المئة للدين العام بالعملات الأجنبية الذي تضاعف 42 مرة) مع وجود
نمط خاص للنمو الاقتصادي ولزيادة الدين العام في الأعوام 2007 ــ2010.
وبعد تردد دام سنوات عدّة، اضطرت السلطات المالية إلى التخلّي عن
سياسة الحياد الضريبي، وبدأت ترتفع تدريجياً نسبة الضرائب الإجمالية إلى الناتج
المحلي الإجمالي GDP، وصولاً إلى 12.2 في المئة في الأعوام 1996 ــ2001، في مقابل 8,95في
المئة فقط متوسط الأعوام 1992 ــ 1995 .
وقعت الزيادة في العبء الضريبي على كاهل دافعي الضرائب غير المباشرة، وبقيت عائدات الضرائب المباشرة قياساً إلى الناتج على حالها تقريباً، وقريبة من المتوسط العام البالغ 3,75في المئة بين 1992 و2010، فيما ارتفعت عائدات الضرائب غير المباشرة من 5,5في المئة من الناتج في الأعوام 1992 ــ 1995، إلى 12,3في المئة في الأعوام 2007 ــ2010. ولذلك، انحدرت حصة الضرائب المباشرة من مجموع العائدات الضريبية من 39 في المئة في المرحلة الأولى إلى 23,6في المئة في المرحلة الأخيرة. ولم تتعد عائدات ضريبة الدخل 2,3في المئة من الناتج المحلي (عدا الضريبة على الفوائد) .
ورغم عدم إقرار زيادات ضريبية في السنوات الأخيرة، بل أقرت بعض الإعفاءات، زادت عائدات الرسوم الجمركية والضريبة على القيمة المضافة في السنوات الأربع الأخيرة، بنسب تساوي ضعف معدل النمو الاسمي المتراكم في الناتج، فالنمو الاسمي بلغ 55في المئة فيما نمت هاتان الضريبتان بمعدل 84,5في المئة. ويعود ذلك إلى: نمو التحويلات والودائع التي زادت بمعدل 50 في المئة خلال ثلاث سنوات، فأعطت دفعاً قوياً للاستهلاك، فالميل للإنفاق في لبنان يرتبط بتدفق الأموال أكثر من ارتباطه بزيادة المداخيل الفردية؛ النمو الحقيقي الذي حققه الاقتصاد اللبناني في السنوات الأربع تأثراً بعوامل خارجية عدة، مما أسهم في تحفيز الاستهلاك؛ معدلات التضخم المرتفعة التي بلغ معدلها التراكمي في السنوات الأربع 26في المئة تقريباً.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق