النسبية خطرٌ داهم ... ومميت
تتضاربُ المواقف حول اختيار قانون للانتخابات. الاتجاه السائد نحو قانون يعتمد النسبية. البعض يرفض. آخرون يطرحون قانونًا تقترع فيه كلُّ طائفةٍ لمرشحيها وتختار نوابها، ما يُشبهُ المجلس الملّي. طرحٌ آخر لتختار طوائفُ ممثلي طوائفَ أخرى ...
وفي لفتةٍ تاريخية، عرف لبنان قوانين انتخابية عديدة تتوافق ومصلحة الحكّام وقوى فريق "السلطة". (الجمهورية قبل أن تنهار – ميشال مرقص – 1989).
في الواقع، وبعد عرض تاريخيٍّ للقوانين الانتخابية في لبنان. ونظرًا إلى تركيبة لبنان الديموغرافية وانتماءاتها الطائفية والمذهبية والخارجية والحزبية و... يتبيّنُ أنّ أيًّا من الطروحات لقوانين انتخابية مستقبلية، لا يمكنها أنْ تتفادى الوقوع في أخطاء ما قبل "انهيار الجمهورية" – عام 1972.
اعتمادُ النسبية في الانتخابات العامة، ويهدفُ إلى تمثيل الفئات السياسية جميعها، له عيوبه، أولها يؤدي إلى تفتيت الأحزاب بدل أن يوطّد ركائزها... في إسرائيل بات الحزبان الرئيسان مجموعة... وزير دفاعِ سابق هو موشي دايان أسّس حزبًا – بعد أن رفض مرتبته في اللائحة- وألّف لائحة من مرشحين ليفوزَ هو... ثمّ في اعتماد النسبية هروبٌ من أخطاء الطائفية إلى أخطاء النسبية مع فارق التوصيف. في اللوائح الطائفية يفوز مرشّحٌ في لائحة ينال أصواتًا أقل من مرشحٍ آخر في اللائحة ذاتها نظرًا إلى الانتماء الطائفي- في النسبية قد يفوز مرشحو لائحة منافسة بأصواتٍ أدنى مما ينالُ الراسبون في لائحة منافسة أقوى.
الخروجُ من المأزق الانتخابي لتحقيق ديموقراطية سليمة يقتضي – بعد دراساتٍ معمّقة – (الجمهورية قبل أن تنهار)، اعتماد نظامٍ مقوّماته:
1- لبنان دائرة انتخابية واحدة.
2- الترشيح الإفرادي.
3- الاقتراع الإفرادي.
4- اعتماد دورتي اقتراع، يترشح في الأولى من يُريد، وفي الثانية ضعفُ عدد أعضاء المجلس النيابي الذين ينالون أكثرية أصوات المقترعين في الدورة الأولى.
5- ينجح في الدورة الثانية نصف المرشحين بنيلهم اكثرية أصوات المقترعين (50 + 1).
6- يُستعان بالمرشحين الراسبين (أو ما يُطلقُ عليهم مجلس الظل)، في حالاتٍ ثلاث: تعديل الدستور بحيث يتحول المجموع إلى هيأة تأسيسية – اختيار رئيس للجمهورية ينجح بثلثي أصوات المجموع ويمثل الشعب فعلاً – اختيار رئيس مجلس الوزراء. (يُستحسن اختيار الرئيسين من بين أعضاء النواب والمرشحسن الخاسرين).
إيجابيات هذا القانون أو الآلية
1- يقضي على تحكّم المال في توليف اللوائح.
2- يجعل النائب مختارًا بذاته (شخصيًا أو حزبيًا أو طائفيًا...).
3- يترك للناخب حرية الاختيار سواء على صعيد طائفي، حزبي، نقابي، او على صعيد اختيار النساء من دون تخصيص "كوتا"... فالنساء يمثلن 54 في المئة من القوة الناخبة – عيب تخصيصهن بـ"كوتا".
4- يشجع على الخطاب الوطني وليس المناطقي – (عميد الكتلة الوطنية ريمون إده نال في الجنوب أصواتًا عام 1972 لأن خطابه كان وطنيًا – طالب بالبوليس الدولي على الحدود... فكافأه الجنوبيون اعترافًا بجميله).
5- لا يعود لأي فئة أو حزب أو طائفة أن تشكو حرمانها... ففي المدى الواسع للدائرة الانتخابية تستطيع أيّ قاعدة انتخابية أن تختار مرشحيها وتدعمهم على صعيد الوطن (الحزب الشيوعي، أو القومي، أو حتى الاحزاب الكبرى تقدرُ على حصر ماكينتها الإنتخابية وتحسين اوضاعها).
6- كما يُمكن للشخصيات أن تستفيد من شعبيتها الموّزعة خارج حدود الدوائر الصغرى..
الآلية في الاقتراع
1- تُعتمد بطاقة انتخابية متطوّرة غير قابلة للتزوير- تختم في شكلٍ محكم لدى اقتراع صاحبها –
2- يقترع الناخب (في الدورتين) في مكان إقامته – من دون اللجوء إلى لوائح انتخابية – لأن البطاقة تُعطى على أساس الهوية ولوائح الشطب.ويوفّر عملية الانتقال إلى مسقط رأسه.
3- تعتمد أقلام الاقتراع لوائح بالمرشحين بالترتيب الأبجدي – ويُعطى المرشح رقمًا تراتبيًا – يوافق على ترتيبها المرشحون قبل بدء عمليات الاقتراع ويُزوّدون بنسخٍ منها..
4- تُرتب تجهيزاتٌ إلكترونية – مع شاشات كومبيوتر تظهر إحصاءات الفرز مباشرة – وتزوّد مراكز الأقضية والمحافظات والعاصمة مباشرة (طريقة آلات وسم اللوتو) ..
النتائح على المدى البعيد
1 – تعزيز الخطاب السياسي الوطني.
2- تعزيز الدور الحزبي – لنفترض أن عدد النواب 128 نائبًا – وعدد المرشحين 3 ملايين شخص – ما يعني أن على المرشح أن ينال 12500 صوت-
التنظيم الحزبي يساعد على توزيع الأصوات أفقيًا – بدل تمركزها حول زعيمٍ ينال مئات آلاف الأصوات – ويخسر حلفاؤه.
3 – يُمكن اعتماد هذه الآلية 4 دورات على أساس التوزيع الطائفي.
من بعدها يُعتمد في الدورة الثانية على لوائح مقفلة باعتماد مبدأ النسبية. وإلغاء الطائفية.
إلى غيرها من الإيجابيات...
اللهمّ أعطِ لهذا البلد قانونًا وطنيًا للانتخابات وليس قانونًا للأحزاب والطوائف ورؤوس الأموال .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق